ان المحقق الأصفهاني ـ وهو تلميذ صاحب الكفاية ـ ينقل كلاما لصاحب الحاشية (١) يشير فيه إلى التبعّض في التنجيز ويردّه ولا يشير إلى احتمال ذلك من كلام الشيخ (٢). مما يظهر منه انه قد أخذ عدم التبعّض في التنجيز مفروغا عنه في كلام الشيخ. فالتفت.
ثم إنه إذا ظهر لك ان مدار صحة تقريب الانحلال في حكم العقل على الالتزام بالتبعض في التنجيز ، فلا بد من تحقيق هذه الجهة. فان الّذي نراه هو انحصار مستند القول بالبراءة على الانحلال في حكم العقل بالبيان المتقدم ، وإلا أشكل الأمر في باب الأقل والأكثر ، إذ ستعرف ما في الوجوه المذكورة من الضعف. وعلى كل حال فالذي نبني عليه ـ تبعا للشيخ ـ هو التبعض في التنجيز إذ هو مما يشهد له بناء العقلاء في مقام امتثال الأحكام ، ولا مجال لإنكاره.
وعلى هذا فالذي نبني عليه في مسألة الأقل والأكثر هو الانحلال في حكم العقل بالتقريب الّذي عرفته المستلزم لجريان البراءة عقلا ونقلا من الأكثر من جهة الزائد المشكوك جزئيته.
وهذا هو العمدة في هذه المسألة كما سيتضح.
وقد حمل المحقق النائيني رحمهالله كلام الشيخ على إرادة الانحلال في حكم الشرع ، لكن لا بالتقريب المتقدم ، بل بتقريب آخر وهو : انه يعلم تفصيلا بوجوب الأقل إما نفسيا استقلاليا أو ضمنيا ، فلا مجال لجريان أصل البراءة فيه لا عقلا ولا شرعا ، بخلاف وجوب الأكثر ، فانه مشكوك ، فلا مانع من إجراء البراءة فيه عقلا وشرعا ، إذ العلم الإجمالي لا يصلح للمانعية بعد انحلاله.
ثم انه أورد عليه : بان العلم التفصيليّ بوجوب الأقل هو عين العلم
__________________
(١) الأصفهاني المحقّق الشيخ محمد تقي ، هداية المسترشدين : ـ ٤٤٨ ـ الطبعة الأولى. ٢ ـ ٢٦٢.
(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين نهاية الدراية ٢ ـ ٢٦٢ ـ الطبعة الأولى.