ولكن العلم الإجمالي بالحكم الإيجابي بين طرفين ـ كالعلم بوجوب صلاة القصر أو التمام عليه ـ يختص ببحث تعرض له الشيخ (١) وغيره ، وهو انه إذا جاء بأحد الطرفين كصلاة القصر ، فهل يمكن إجراء استصحاب الوجوب المعلوم سابقا ثبوته عليه والمشكوك في بقائه فعلا بعد إتيان أحد الطرفين أو لا يمكن (٢)؟.
فنقول ـ وعلى الله سبحانه الاتكال ـ : ان الحديث يقع في جهتين :
الأولى : في استصحاب الفرد المردد من الوجوب ، بحيث تترتب عليه آثار الفرد.
والثانية : في استصحاب كلي الوجوب المتحقق في ضمن أحد الفردين.
أما استصحاب الفرد المردد ، فهو مما لا يصح إجراؤه ، وذلك لأن الاستصحاب يتقوم بركنين أحدهما اليقين بالحدوث. والآخر الشك في البقاء. وكلاهما مفقودان في المقام.
أما الشك في البقاء فلوجهين ـ أشار إليهما المحقق النائيني في كلامه ـ.
الأول : ان البقاء عبارة عن الوجود بعد الوجود وعلى تقدير الحدوث ، ولا شك في المقام في بقاء الفرد الحادث المردد على أي تقدير من تقديري حدوثه ، لأنه على أحد تقديريه مقطوع العدم وعلى التقدير الثاني مقطوع البقاء.
الثاني : ان المطلوب في باب الاستصحاب هو تحقق الشك في بقاء الحادث على ما هو عليه وعلى جميع تقادير حدوثه ، بحيث يحاول في الاستصحاب الحكم ببقاء ذلك الحادث على ما هو عليه ، ومن الواضح انه لا شك في الحادث
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى فرائد الأصول ـ ٢٦٨ ـ الطبعة الأولى.
(٢) وقد أطال المحقق النائيني رحمهالله في تحقيق هذا المبحث ، وتعرض سيدنا الأستاذ ( مد ظله ) في مجلس الدرس أولا إلى كلامه ، ثم عقّبه بتحقيق المطلب ، ونحن لا نرى لزوما في نقل ما أفاده النائيني قدسسره ، بل المهم بيان تحقيق المبحث وبه يتضح كلام الاعلام صحة وفسادا.