فقد ذهب الكل إلى منجزية العلم الإجمالي ، لأنه علم بتكليف فعلي على كل تقدير فيكون منجزا ، كما ان حديث المعارضة يأتي فيها لاتحاد ظرف الأصل في كل طرف مع ظرفه في الطرف الآخر. إذن فالعلم منجز على كلا المسلكين في العلم الإجمالي : ـ أعني : مسلك العلية التامة ومسلك الاقتضاء ـ.
لكن الإنصاف هو عدم منجزية العلم في هذه الصورة كسابقتها لنفس البيان السابق ، فان العلم بالتكليف لا يصلح لتنجيزه إلا إذا كان متحققا في ظرف العمل نفسه ، ولذا لو علم بالتكليف الفعلي وكان زمان المكلف به متأخرا وزال العلم في وقت العمل لم يكن التكليف منجزا.
وبالجملة : العلم المنجز هو العلم بالحكم أو بالغرض الملزم في ظرف الطاعة والامتثال لا السابق عليه ولا المتأخر عنه ، لأن الحكم المتنجز هو الحكم بثبوت العقاب على تقدير مخالفة الحكم ، وهو انما يكون بلحاظ قيد المنجز في ظرف المخالفة. فالتفت.
وعليه ، فالعلم الإجمالي فيما نحن فيه ليس علما بما يقبل التنجيز فعلا على كل تقدير ، إذ هو لا يصلح للبيانية وتنجيز التكليف المتعلق بما يكون زمانه متأخرا.
ومن هنا ظهر حكم صورة ما إذا كان الزمان دخيلا في الخطاب دون الملاك. فلاحظ ولا تغفل.
ومحصل القول : هو انه لنا ان نقول ان العلم الإجمالي في التدريجات غير منجز بقول مطلق.
هذا بحسب وجوب الموافقة القطعية.
وأما من جهة حرمة المخالفة القطعية ، فالأمر فيه كذلك ، إذ عرفت عدم قابلية العلم الإجمالي للتنجيز ، فكما لا تجب الموافقة القطعية لا تحرم المخالفة القطعية ، سواء قلنا بالعلية التامة أم بالاقتضاء.