وهذا المعنى ثابت عرفا في خصوص الملاقاة ، فلا يتأتى في مطلق الملابسات كالنظر إلى القذارة.
فلا يتوهم : ان فرض كون الاجتناب عن ملاقي النجس من شئون الاجتناب عن النجس ، يقتضي فرض كون الاجتناب عمن نظر إلى النجس ـ أو نحوه من أنحاء الملابسات ـ من شئون الاجتناب عن النجس أيضا.
الثاني : ان العناوين المتعددة إذا اشتركت عرفا في أثر جامع ، لكن كانت تختلف باختلاف نحو خصوصيات ذلك الأثر ، بمعنى ان نحو الأثر المترتب على أحدها كان يختلف عن نحو الأثر المترتب على الآخر.
مثلا : العرف يجتنب عن الأسد والسم والقذر ، لكن اجتنابه عن الأسد يرجع إلى عدم التقرب منه أو عدم إثارته. واجتنابه عن السم يرجع إلى عدم استعماله في الأكل أو الشرب. واجتنابه عن القذر يرجع إلى عدم استعماله وعدم استعمال ما يلاقيه في باب الأكل والشرب ـ كما بيّناه ـ. فإذا نزّل الشارع شيئا منزلة أحد هذه الأمور وأمر باجتنابه فانه ظاهر في كون مراده النحو المتداول عرفا للاجتناب عن المنزّل عليه. فلو قال : هذا أسد فاجتنبه ، فانه ظاهر في الأمر باجتنابه بالنحو الّذي يجتنب الأسد ، لا بالنحو الّذي يجتنب السم أو القذر.
وعليه ، فإذا قال : هذا نجس فاجتنبه ، كان ظاهرا في أمره باجتنابه بالنحو الّذي يجتنب العرف للقذارات الحقيقية الصورية لأنه نزّله منزلته. وقد عرفت ان اجتناب العرف القذارات الصورية يعم الاجتناب عن ملاقيها ، بنحو يكون الاجتناب عن الملاقي من شئون الاجتناب عن القذر. فلاحظ.
وقد أورد على هذا الالتزام ـ أعني : الالتزام بأن الاجتناب عن الملاقي من شئون الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ بإيرادات :
الأول : ما ذكره المحقق الأصفهاني قدسسره في حاشيته على الكفاية ، من : انه لا شبهة في وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس المعلوم مع فقد الملاقى