أحدهما : تكليف العصاة.
والآخر : في الواجبات التوصلية التي تصدر من المكلف بحسب طبعه بداع آخر.
وذلك ببيان : ان التكليف وإن كان هو عبارة عن جعل ما يمكن ان يكون داعيا أو زاجرا ، إلا ان الغرض الأقصى منه هو تحقق الداعوية والزاجرية ، بحيث يكون له تأثير فيهما ، وإلا كان لغوا محضا.
فمع العلم بعدم تحقق الداعوية أو الزاجرية يمتنع جعل التكليف ، ومورد العصاة كذلك للعلم بعدم انزجارهم بالنهي وتحركهم بالأمر. فيكون تكليفهم لغوا. وهكذا في الواجبات التوصلية التي يكتفي فيها بمجرد الفعل ، إذا علم بتحقق الفعل من المكلف بداع آخر ، فان التكليف في مثل ذلك لا يترتب عليه غرضه الأقصى من التحريك نحو الفعل ، فيكون لغوا. ولا يخفى ان اللغوية المدعاة هاهنا هي لغوية دقية لا عرفية ، ولذا لا يتخيل أحد من العرف استهجان تكليف العاصي ونحوه.
وعلى كل حال ، فتحقيق الكلام في هذين الموردين ان يقال :
أما مورد العصيان : فلا يخفى ان الغرض الأقصى من الشيء ليس غرضا فلسفيا ، بحيث يكون من علل الشيء الّذي يوجب تخلفه تخلف المعلول ، بل هو فائدة وأثر الشيء ، فهو غرض عرفا.
وعليه ، فمجرد احتمال ترتبه على الفعل يكفي في صحة الفعل والإقدام عليه ، بل أعمال العقلاء جلا تبتني على احتمال ترتب الفوائد عليها ، كتصدي التجار للبيع ، فانه لا يقطع بتحقق البيع أو الربح ، مع إقدامهم عليه وليس هو إلا من جهة كفاية احتمال الفائدة.
ففي مورد العصاة إذا احتمل الامتثال كفى ذلك غرضا أقصى للتكليف.
ومع عدم احتماله والعلم بعدم امتثال الأمر والنهي ، يمكن ان يقال بان