من تحقيق الحال في ذلك.
فنقول : إن الدليل المتوهم دلالته على إثبات الحلية شرعا في مورد الاضطرار هو قوله عليهالسلام : « ما من شيء حرمه الله إلا وأحله في حال الضرورة » (١).
وهذا الكلام يحتمل ـ ثبوتا ـ وجهين :
الأول : أن يكون في مقام بيان ان الضرورة لها اقتضاء للحلية وتأثير فيها ، حتى في الموارد التي يكون فيها مفسدة شديدة تقتضي الحرمة ، فيدل على ثبوت الحلية في موارد الاضطرار الأخرى التي ليست متعلقا للحرمة بالأولوية ومفهوم الموافقة.
الثاني : ان يكون في مقام بيان مانعية الاضطرار عن تأثير مقتضى الحرمة ، وان مقتضى الحرمة لا تأثير له في مورد الاضطرار ، فلا يكون متكفلا سوى ارتفاع الحرمة في مورد الاضطرار ، لا جعل الإباحة والحلية كما هو مقتضى الوجه الأول.
ولا يخفى أن الاضطرار فيما نحن فيه لم يتعلق بنفس الحرام ، لأن الحرام هو أحدهما المعين واقعا ، وهو مما لم يتعلق به الاضطرار ، وانما تعلق بالجامع بين الطرفين وهو أحدهما بلا خصوصية أصلا ، الّذي يقبل أن ينطبق على كل منهما.
وعلى هذا فإذا كان مدلول الرواية هو الوجه الأول كان الاضطرار إلى الجامع مشمولا له ، لأنه يتكفل جعل الحلية لكل ما يضطر إليه المكلف ، ولو لم يكن في نفسه حراما ، فتثبت الحلية شرعا للجامع.
فيقع الكلام بعد ذلك في ان الحلية السارية من الجامع إلى الفرد الّذي
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٦ ـ ١٣٧ باب ١٢ من كتاب الإيمان حديث : ١٨.
عن أبي عبد الله عليهالسلام : ... وقال : ليس شيء مما حرم الله الا وقد أحله لمن اضطر إليه.
ومثله في ٤ ـ ٦٩٠ باب ١ من أبواب القيام حديث ٦ و ٧.