وقد اختار المحقق النائيني قدس‌سره في بعض دورات أبحاثه الأولى منجزية العلم الإجمالي. بتقريب : انه علم بحدوث تكليف فعلي ، ويشك في سقوطه بالاضطرار ، ومقتضى قاعدة الاشتغال لزوم الخروج عنه (١).

ولكنه عدل عنه في دورات بحثه الأخيرة ، فذهب إلى عدم تنجيز مثل هذا العلم (٢).

وجاء في تقريرات الكاظمي ـ بيانا لوجه العدول ـ ان العلم تمام الموضوع في التنجيز ، فقبل تحقق العلم لا يكون التكليف منجزا ، وبعد حصوله لا يكون العلم علما بتكليف فعلي على كل تقدير ، لاحتمال كون المضطر إليه هو النجس الواقعي (٣).

والحق هو ما ذهب إليه أخيرا من عدم التنجيز ، ولأجل تقريبه نقول : ان العلم المتأخر المتعلق بالتكليف السابق لا يصلح لتنجيز التكليف السابق بما هو كذلك.

وذلك لأن معنى التنجيز إما وجوب الإطاعة والامتثال عقلا ، أو استحقاق المؤاخذة على المخالفة. وكل منهما لا يتصور بالنسبة إلى ما سبق ، إذ لا مجال لإطاعته أو مخالفته فعلا. فما يجري على بعض الألسنة من أن العلم المتأخر ينجز التكليف في الزمان السابق ليس له وجه معقول.

نعم ، إذا كان التكليف السابق موضوعا للتكليف في الزمان اللاحق كوجوب القضاء أو نحوه ، كان العلم به مؤثرا في تنجيز التكليف اللاحق من باب تعلق العلم به أيضا بعد تعلق العلم بموضوعه.

وبالجملة : العلم إنما يكون منجزا للتكليف المقارن ، ولا يصلح لتنجيز ما

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم أجود التقريرات ٢ ـ ٢٦٥ ـ الطبعة الأولى.

(٢) الكاظمي الشيخ محمد علي فوائد الأصول ٤ ـ ٩٥ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٣) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٩٥ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۸۷۱