ظاهريا بل هو ثابت لعنوان الشيء بلا أخذ أي قيد من القيود فيه فلا مأخذ لاستفادة الحكم الظاهري من هذا الإطلاق (١).
وهذا الاعتراض صحيح بالمقدار المبين في التقريب ولكنه يمكن ان يطور التقريب بنحو يسلم عن هذا الاعتراض وذلك بان يقال : ان قضية كل شيء طاهر أو حلال بعد ان كان صالحا في نفسه لشمول حالات الشك في نجاسة شيء أو حرمته فلا موجب لرفع اليد عن إطلاقه لحال الشك في الحكم بالنجاسة أو الحرمة الواقعيين الثابتين بدليلهما فدليل حرمة الخمر أو نجاسته مثلا يخرج عن العموم خصوص حالة العلم بالنجاسة أو الحرمة ويتقيد الجعل في العام بالشيء غير المعلوم نجاسته أو حرمته لأن العام لا بد وان يتقيد بنقيض الخاصّ لا محالة ومن هنا يكون قيد الشك وعدم العلم مأخوذا في الحكم بالطهارة والحلية فيستفاد منه الحكم الظاهري في مورد الشك.
الا ان هذا التقريب غير تام أيضا لأن العام بعد ان لم يكن قد أخذ فيه الشك بحسب الفرض يكون ظاهرا في الجعل الواقعي كالخاص فيقع المنافاة بينهما ويجمع بالتخصيص الّذي يعني الكشف عن أخذ نقيض العنوان الخاصّ قيدا في العام فيكون حكما واقعيا أيضا وهذا يعني انه لا بد في المرحلة السابقة من إعمال تقييد في الجعل المنكشف بالعامّ بأخذ نقيض العنوان الخاصّ قيدا فيه لكونه حكما واقعيا مرتبا على واقع الخاصّ فلو كان العام كاشفا عن الجعل الواقعي أيضا كان القيد المأخوذ فيه لا محالة عدم واقع الخاصّ لا عدم العلم به ، وان شئت قلت : ان ظهور الخطاب العام في الواقعية لم يكن في طول إطلاقه لمورد العلم بالعنوان المخصص بل كان في عرضه ولعدم أخذ الشك في لسان دليله ومعه لا محالة يتقيد الجعل بعدم واقع المخصص ومن هنا لم يستشكل أحد في ذلك فقهيا في مورد من الموارد ولم يتوهم فقيه ان يكون أكرم كل عالم مثلا بعد ورود لا تكرم الفاسق مقيدا بالعالم الّذي لا يعلم حرمة إكرامه أو فسقه ليكون حكما ظاهريا في مورد الشك وهذا واضح.
المناقشة الثانية ـ ما نقله المحقق الأصفهاني ( قده ) من كتاب الدرر للشيخ
__________________
(١) بل حتى إذا افترضنا الإطلاق كالعموم يلحظ فيه كل حال حال مع ذلك لم يستفد من ذلك الحكم الظاهري لأن استفادة ذلك انما تكون من جهة أخذ الشك في موضوع الجعل لا المجعول فما لم يرد عنوان الشك في لسان الدليل المتكفل لبيان الجعل لا يمكن استكشاف كونه ظاهريا وهذا الجواب يدفع هذا التقريب حتى بعد تطويره بما في المتن.