الجعل في مقام التنجيز لما تقدم من كفاية وصول الكبرى والصغرى في ترتب المنجزية والمعذرية (١).
وهكذا يظهر تمامية كلتا الصيغتين لاستصحاب عدم النسخ.
المقام الثاني ـ في استصحاب حكم الشريعة السابقة عند الشك في انتساخه بهذه الشريعة ، والبحث هنا بعد الفراغ عن تمامية أركان الاستصحاب في استصحاب عدم النسخ حيث يمكن أَن يستشكل في استصحاب عدم نسخ حكم الشرائع السابقة بأحد اعتراضين آخرين :
الاعتراض الأول ـ مانعية العلم الإجمالي بثبوت نسخ أحكام الشريعة السابقة. إجمالاً فتتعارض الاستصحابات وتتساقط.
وأُجيب عليه بانحلال العلم الإجمالي هذا بالعلم التفصيليّ بنسخ جملة من أحكامها بالاحكام المعلومة تفصيلاً من شريعتنا أو بالعلم الإجمالي الأصغر دائرة ـ كما هو الصحيح ـ.
والصحيح : انَّ هذا العلم الإجمالي حتى مع فرض عدم انحلاله لا أثر له في المقام ، لأنَّ تأثيره في إبطال استصحاب عدم النسخ منوط بأن تتم ثلاثة أمور :
١ ـ أَن يكون الحكم المراد استصحاب عدم نسخه ترخيصياً إذ لو كان إلزامياً فالاستصحاب منجز له والعلم الإجمالي بالترخيص لا يوجب سقوط الأصول الإلزامية في الأطراف كما حقق في محله.
__________________
(١) الاتصاف انَّ مجرد افتراض اعتبار العقلاء بقاء الحكم والجعل بهذا المعنى كما في التعهدات والقرارات العقلائية لا يكفي لجريان الاستصحاب لأنَّ ما هو موضوع لحكم العقل بالتنجيز ليس هو هذا الأمر الاعتباري الوضعي وانَّما المنجز واقع الحكم وروحه من الإرادة وما يضاهيها ودليل الاستصحاب لم يؤخذ في موضوعه الحكم أو الجعل الشرعي ليتمسك بإطلاقه وانما جاء بلسان النهي عن النقض العملي لليقين فلا بد من أن يكون اليقين متعلقا بما هو مصب التنجيز والوظيفة العملية كما تقدم في التعليق على الاستصحاب التعليقي فلا بد من إجراء الاستصحاب دائماً في الجعل بما هو كاشف عن روح الحكم ولو بالحمل الأولي فيرجع إلى الصيغة الأولى.
ولو فرضنا تنزيل دليل الاستصحاب على الحكم بهذا المعنى بحيث تكون المسامحة العرفية منقحة لظهور في دليل الاستصحاب في تطبيقه على الحكم بهذا المعنى وانه نحو إيصال لروح الحكم من خلال إيصال هذا الأمر الاعتباري ـ وان كان هذا بحاجة إلى ورود دليل الاستصحاب في الحكم بمعنى المجعول ـ مع ذلك قلنا بأنه وان كان استصحاب هذا الأمر الاعتباري جارياً ومنجزا للحكم بقاء لكنه يكون معارضاً مع استصحاب عدم الجعل الزائد بمعنى الإرادة التشريعية التي هي روح الحكم منظوراً إليه بالحمل الشائع لا الأولي ، فيكون إشكال المعارضة على تقدير تماميته وارداً على هذه الصيغة أيضاً.