شرطها إلاّ بناءً على الأصل المثبت.
وثالثاً ـ الحل ـ بأنَّ هذا الاعتراض نشأ من تصورات مدرسة المحقق النائيني ( قده ) من انَّ فعلية المجعول أمر يتحقق وراء مرحلة الجعل وانَّ المنجز عقلاً انَّما هو إحراز المجعول الفعلي مع انه قد تقدم انه لا واقع حقيقي وراء الجعل وانَّ مرحلة فعلية المجعول مرحلة وهمية تصورية تنشأ من ملاحظة الجعل بمنظار الحمل الأولي ، وانَّ التنجيز يكفي فيه إيصال الحكم المشروط مع إحراز الشرط لأنَّ وصول الكبرى والصغرى معاً كاف لحكم العقل بوجوب الامتثال فكلما كان أحدهما محرزاً صحّ إحراز الآخر بالتعبد لترتب التنجيز عليه بحسب الفرض (١).
المقام الثاني ـ انَّ استصحاب الحكم المعلق معارض باستصحاب الحكم المنجز ففي مثال العنب كما يعلم بالحرمة المعلقة على الغليان سابقاً كذلك يعلم بالحلية الفعلية المنجزة قبل الغليان فتستصحب ويتعارض الاستصحابان.
وقد وجد عند الاعلام اتجاهان للجواب على هذا الاعتراض :
الاتجاه الأول ـ ما ذكره صاحب الكفاية ( قده ) ووافقه عليه السيد الأستاذ من انه لا معارضة بين الاستصحابين إذ كما انَّ الحرمة كانت معلقة فتستصحب بما هي معلقة كذلك الحلية في العنب كانت مغياة بالغليان ومعلقة على عدمه فتستصحب بما هي مغياة ولا تنافي بين حلية مغياة وحرمة معلقة على الغاية إذ لا يلزم اجتماعهما في آن واحد ليقع بينهما المنافاة.
ونلاحظ على ذلك : انَّ الحلية التي نريد استصحابها هي ذات الحلية الثابتة بعد الجفاف وقبل الغليان ولا علم بأنها مغياة لاحتمال عدم الحرمة بالغليان بعد الجفاف ، وإن شئت قلت المستصحب هو الحلية التنجيزية لا المغياة.
__________________
(١) هذا الكلام انَّما يتم في إحراز الكبرى بمعنى الإرادة التشريعية التي هي روح الحكم المبرز بالخطاب وواضح انه في المقام لا توجد إرادة تشريعية أخرى بإزاء القضية الشرطية الاعتبارية وانما هناك إرادة واحدة منوطة بمجموع القيدين ، وامَّا القضية الشرطية فمحض صياغة في مرحلة الإثبات فإحرازها ليس إحرازاً للكبرى المنجزة عقلاً.
وبهذا ظهر الفرق بين استصحاب عدم النسخ وبقاء الجعل بمعنى الإرادة التشريعية وبين المقام فلا يتوجه النقض المذكور ، كما انه ظهر وجه اندفاع الجواب الأول فانَّ ثبوت قضية شرطية ظاهراً وان كان يستلزم فعلية جزائها عند تحقق الشرط إلاّ انَّ جعل الحكم المماثل في مورد فرع كون المشكوك منجزاً وقد عرفت انَّ القضية الشرطية في المقام ليست صالحة للتنجيز وان كانت اعتبارية وجعلية لعدم رجوعها إلى إرادة أخرى وراء الإرادة التشريعية المنوطة بمجموع القيدين.