الماء ثم زال عنه تغيره وشك في انَّ زوال التغير هل يوجب زوال النجاسة الحاصلة به أم لا وهذه شبهة حكمية.
وقد يتصور انَّ هذه الصورة يتم فيها الإشكال بحيث نحتاج إلى أحد الأجوبة المتقدمة ، ولكن الصحيح اننا في هذه الصورة أيضاً نستغني عن الأجوبة المتقدمة ، فانَّ الشك في المقام بنحو الشبهة الحكمية وهذا يعني ان المجتهد من أول الأمر يجري استصحاب بقاء النجاسة في الماء المتغير بعد زوال تغيره وهو استصحاب للمجعول الكلي في الشبهة الحكمية فلا ينتظر فيه تحقق الموضوع له خارجاً ـ على ما تقدم شرحه مفصلاً ـ وتكون الأمارة على حدوث التغير في هذا الماء دالة بالالتزام على بقاء النجاسة المثبتة بالاستصحاب كحكم ظاهري كلي بعد زوال التغير أيضاً بلا حاجة إلى استصحاب النجاسة الجزئية الظاهرية الثابتة حدوثاً بالأمارة.
٤ ـ أَن تكون أمارة دالة على حدوث الحكم بنحو الشبهة الحكمية وشك في بقائها بنحو الشبهة الحكمية أيضاً كما إذا قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة في عصر الحضور وشك في بقاء الوجوب في عصر الغيبة ، وهنا يجري الإشكال ويحتاج في دفعه إلى الرجوع إلى أحد الأجوبة المتقدمة.
هذا تمام الكلام في ثبوت الحالة السابقة بالأمارة.
المقام الثاني ـ فيما إذا ثبتت الحالة السابقة بالأصل العملي واحتمل انتقاضه بعد ذلك فأريد إبقاؤه بالاستصحاب ، والإشكال في جريان الاستصحاب في المقام تارة يكون بلحاظ الركن الأول من أركان الاستصحاب أي عدم اليقين بالحدوث ، وأخرى بلحاظ الركن الثاني وهو عدم الشك في البقاء.
اما الإشكال من الناحية الأولى فالكلام فيه ما تقدم في المقام السابق غاية الأمر لا بد من ملاحظة انَّ الأجوبة والمعالجات المتقدمة فيما إذا كانت الحالة السابقة ثابتة بالأمارة لا يجري هنا إلاّ إذا كان الأصل المثبت للحالة السابقة تنزيلياً بأَن يثبت الواقع وآثاره الشرعية أو يقوم مقام القطع الموضوعي المأخوذ في دليل الاستصحاب ليمكن إجراء الاستصحاب بلحاظ الحكم الواقعي. نعم إجراء استصحاب الحكم الظاهري الثابت بالأصل أو استصحاب الجامع بين الواقع والظاهر لا يتوقف على ذلك.