وقد يقال بالإجمال وتردد الرواية بين الاستصحاب والقاعدة لعدم تعين ما أريد من حذف المتعلق في المقام ، ولعله من أجل ذلك ذهب المحقق العراقي ( قده ) إلى إجمالها.

ولكن الصحيح تعين إرادة الاستصحاب منها باعتبار دعوى ان العرف يتعامل مع زمان اليقين والشك بلحاظ زمان متعلقهما فمن يقول كنت على يقين من عدالة زيد في يوم الجمعة يفهم من كلامه انه على يقين بعدالته في يوم الجمعة لا قبله أو بعده فيكون ظاهر قوله من كان على يقين فشك تقدم المتيقن على المشكوك وهذا يناسب الاستصحاب لا القاعدة خصوصا مع ملاحظة ارتكازية الاستصحاب ودلالة الروايات الأخرى عليه بخلاف القاعدة.

الرواية السادسة : مكاتبة علي بن محمد القاساني قال : كتبت إليه وانا بالمدينة عن اليوم الّذي يشك فيه من رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب عليه‌السلام ( اليقين لا يدخل فيه الشك صم للرؤية وأفطر للرؤية ) (١).

وقد فضلها الشيخ على الروايات السابقة في الدلالة على الاستصحاب ولعله من

__________________

الشك ذات المتيقن مع تجريده عن خصوصيتي الحدوث والبقاء أو متعلقة المتيقن بخصوصيته الحدوثية فتكون النتيجة حجية الاستصحاب والقاعدة معا وتقريب استفادة ذلك : أن المنهي عنه في هذه الروايات هو نقض اليقين بالشك وهو اما ان يحمل على النقض الحقيقي فيكون كناية عن التعبد بعدم انتقاض اليقين وبقائه واما أن يحمل على النقض العملي باعتبار انه من مقتضيات اليقين وكلام المعنيين يصدقان في مورد القاعدة حقيقة وفي مورد الاستصحاب بعد فرض ان العرف يلغي خصوصية الحدوث والبقاء ويضيف الشك إلى ذات المتيقن ، الا أن هذا الإلغاء ليس بمعنى أخذ بقاء اليقين بلحاظ الحدوث شرطا في صدق هذا العنوان ليكون هنا لك معنيان استعماليان بل بمعنى التوسعة في مجال صدق عنوان النقض والاكتفاء بوحدة المتعلقين من حيث الذات سواء كانا متحدين من حيث خصوصية الزمان أم لا فتكون النتيجة حجية الاستصحاب والقاعدة معا بمقتضى هذا الإطلاق العرفي.

ولا يحضرني جواب على هذه الشبهة سوى دعوى ظهور الروايات المذكورة جميعا في أنها بصدد علاج الموقف العملي لزمان الشك وتحديد الوظيفة العملية فيه على ضوء ما كان في زمان اليقين وكما إذا كان متيقنا في زمان الشك وهذا يناسب مع الاستصحاب لا القاعدة فان الأثر العملي الّذي يسري إليه الشك في موردها إنما هو الوظيفة الصادرة في زمن اليقين السابق ولعل التعبير بالنقض أو المضي على اليقين أيضا يناسب هذا المعنى لا الشك الساري إلى عمل صادر سابقا.

هذا مضافا : إلى إمكان دعوى أن كبرى حجية الاستصحاب ملاكا وجعلا مباين مع كبرى حجية القاعدة ثبوتا فيكون الجمع بينهما جدا في خطاب واحد ـ وان كان مدلوله الاستعمالي واحدا ـ غير عرفي فانه يشبه استعمال اللفظ في أكثر من معنى بلحاظ مرحلة المدلول الجدي وهو على حد تعدد المعنى المستعمل فيه من حيث كونه على الأقل خلاف الظاهر وأساليب المحاورة العرفية. وحيث ان إرادة الاستصحاب من هذه الروايات معلومة إجمالا لمجموع القرائن الداخلية والخارجية المتقدمة فلا محالة يكون مفادها حجية الاستصحاب دون القاعدة.

(١) وسائل الشيعة الباب ـ ٣ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان ج ٧ ص ١٨٤

۳۶۸۱