أيضا في أدلة سائر الأصول والأمارات بعضها مع البعض ، وأما التعبير عن الاستصحاب بالدليل فباعتبار كاشفيته أو منجزيته ومعذوريته للحكم الواقعي المحفوظ في مورده فانه دليل عليه ومثبت له ولو إثباتا تنجيزيا أو تعذيريا.
النقطة الثالثة ـ عرف الاستصحاب اصطلاحا بأنه إبقاء ما كان أي الحكم ببقائه ، وقد أثير حول هذا التعريف إشكالات عديدة نشير إلى أهمها وهو اثنان :
١ ـ ما أفاده السيد الأستاذ من ان تعريف الاستصحاب يختلف باختلاف المباني في حجيته فلا وجه لإعطاء تعريف عام ، والتعريف المذكور ينسجم مع مبنى كون الاستصحاب أصلا عمليا ولا ينسجم مع كونه أمارة ، فانه حينئذ ليس حكما شرعيا ببقاء ما كان بل ينبغي تعريفه بأنه اليقين السابق والشك اللاحق.
وفيه : أولا ـ كان ينبغي له على هذا المنهج ان يعرف الاستصحاب بناء على الأمارية بالحدوث أو الثبوت في الحالة السابقة ، لأنه الملازم غالبا مع البقاء ، واليقين كاشف عنه كاليقين بخبر الثقة ، واما الشك اللاحق فهو موضوع لكل حكم ظاهري.
وثانيا ـ ان أريد بهذا الكلام دعوى ان مبنى الأمارية يستلزم جعل الاستصحاب اسما لليقين السابق ومبنى الأصلية يستلزم جعله اسما للحكم بالبقاء فمن الواضح عدم وجود مثل هذه الملازمة ، فانه يمكن ان يجعل اليقين السابق أمارة على البقاء ومع ذلك يسمى نفس الحكم بالبقاء ظاهرا بالاستصحاب ويمكن ان يجعل الحكم بالبقاء في مورد اليقين السابق ومع ذلك يسمى اليقين السابق بالاستصحاب. وان أريد بهذا الكلام استظهاره من كلام الأصحاب الذين قالوا مثلا ان الاستصحاب أمارة فتعبيراتهم لا يترتب عليها أثر مهم في المقام على انه قد يكون تعبيرهم بالاستصحاب عن حرمة النقض والحكم بالبقاء وقد يكون تعبيرهم به عن اليقين السابق حتى عند النافين لأماريته.
٢ ـ ما اعترضه المحقق الأصفهاني من ان المراد بالإبقاء ان كان هو الإبقاء العملي فهذا لا ينسجم مع حكم العقل الّذي هو أحد مدارك الاستصحاب لأنه يدرك البقاء ظنا مثلا وليس للعقل أحكام عملية ، وان كان المراد الإبقاء الحكمي التشريعي فهو لا ينسجم مع البناء العقلائي الّذي هو مدرك اخر من مدارك الاستصحاب فانهم انما يبنون عمليا على البقاء ويسيرون عليه.