بل بلحاظ زمان فعليته وهو الزمان السابق وهذا واضح ، واما دعوى ظهورها في تعاصر زمان الحكم وهو المضي مع زمان اليقين فهذا لا موجب له فان غاية ما يقتضيه الأمر بالمضي على اليقين السابق لزوم افتراض وجود يقين سابق والفراغ عنه لأن كل حكم يجعل في فرض الفراغ عن موضوعه الا ان هذا لا يعين ان يكون الموضوع هو اليقين الاستصحابي لا اليقين في القاعدة فان كلا من اليقينين صالح لأن يكون موضوعا للحكم بالمضي الظاهري غاية الأمر في الاستصحاب يكون موضوع هذا الجعل الظاهري اليقين المتعلق بالمتيقن السابق وفي القاعدة يكون موضوع الجعل الظاهري نفس اليقين السابق والّذي حل محله الشك ، نعم في مثل أكرم العالم لا بد من ان يكون المكرم عالما حين وجوب الكرامة الا ان ذلك من جهة عدم صدق عنوان إكرام العالم على إكرامه ـ بناء على ظهور المشتق في المتلبس ـ ولهذا لو كان العنوان أكرم من كان عالما نجد صدقه على إكرام المنقضي علمه لصدق الاتصاف بما أخذ موضوعا مفروغا عنه في الجعل.
الظهور الثالث ـ ظهور الرواية في وحدة متعلقي اليقين والشك والوحدة من تمام الجهات حتى الزمان تناسب قاعدة اليقين لا الاستصحاب.
وفيه : ان هذه الوحدة لم يدل عليها لفظ خاص إذ لم يقل ( من شك في نفس ما تيقن به ) وانما استفيد ذلك من حذف المتعلق لليقين والشك وهو كما يناسب مع وحدة المتعلق من جميع الجهات يناسب مع وحدته من غير ناحية الزمان وإضافة اليقين والشك إلى ذات الشيء كما أشرنا.
ومن هنا قد يعكس الأمر فيتمسك بإطلاق اليقين والشك إذا لم يكن زمان متعلقهما واحدا وبذلك يعين الاستصحاب دون القاعدة.
وفيه : ان الإطلاق فرع تحديد المدلول الاستعمالي في مرحلة الإثبات وانه هل لوحظ في اسناد النقض إلى اليقين والشك وحدتهما من جميع الجهات أو من غير جهة الزمان ولا يمكن إحراز أحد التقديرين بالإطلاق كما لا يخفى (١).
__________________
(١) هذا المقدار لا يكفي لدفع شبهة الإطلاق في ألسنة الروايات الظاهرة في سبق اليقين على الشك كما في الصحيحة الثانية لزرارة أيضا بل كل الروايات التي ليست صريحة في فعلية اليقين ـ كما لعله كذلك في الصحيحة الأولى ـ وهذه نقطة كان المناسب طرحها مستقلا للبحث عن أنه هل يمكن ان يستفاد من مثل هذه الألسنة عدم نقض اليقين بالشك سواء كان متعلق