اما النحو الأول من هذين النحوين فيرد عليه : انه مع الشك في النجاسة سوف يقطع بعدم المانعية فلا معنى لإجراء استصحاب عدم النجاسة سواء أريد باشتراط الوصول العلم الوجداني أو الأعم منه ومن العلم التعبدي بناء على مبناه من كون الأمارات علما تعبديا ، اما على الأول فواضح ، وأما على الثاني فلأنه اما ان يشترط وصول العلم التعبدي بالوجدان ولو بعد توسط عدة علوم تعبدية أو يكتفي بوجود علم تعبدي ـ أي حجة على النجاسة ـ واقعا ولو لم يصل إلى المكلف كما إذا كانت هناك بينة على النجاسة لا يعلم بها المكلف ـ وان كان هذا خلاف مباني المحقق النائيني ( قده ) نفسه ـ فعلى الأول يلزم عند الشك وعدم وصول حجة على النجاسة القطع بعدم المانعية وانتفاء موضوعها فلا معنى للاستصحاب وعلى الثاني يلزم بطلان الصلاة في النجس جهلا مع وجود بينة غير واصلة على نجاستها وهو خلاف ما هو ثابت فقهيا من صحة الصلاة مع الجهل بالنجاسة (١) ..

__________________

(١) قد يمكن تصحيح النحو الأول من النحوين أيضا بافتراض ان المانع هو النجاسة التي لم يصل عدمها إلى المكلف لا بالوصول الوجداني ولا التعبدي فمع الشك في النجاسة لا وصول لعدمها فيكون هذا الجزء محرزا وجدانا فإذا أريد نفي المانعية كان لا بد من انتفاء جزئها الآخر الواقعي فيجري استصحاب عدم النجاسة لنفي المانعية كما انه يجري استصحاب النجاسة لترتيبها ظاهرا إذا كانت الحالة السابقة هي النجاسة فهذا الوجه يعالج الموقف بنحو ينسجم مع الفتاوى الفقهية كما انه ينسجم مع الفتوى بصحة الصلاة في النجاسة الواقعة في حال الغفلة وتأتي القربة من المكلف إذا أردنا بعدم الوصول الاحتمال والشك أي أخذنا الالتفات قيدا الا أن أخذ عدم وصول النجاسة إلى المكلف بالمعنى الأعم من الوصول الوجداني والتعبدي يرجع بحسب الروح إلى أخذ التنجيز أو عدم التأمين في موضوع المانعية وهو النحو الثاني القادم وان اختلف عنه في الصياغة واللفظ ، نعم هنا إشكال آخر يتوجه على جميع الصور المذكورة للشرطية أو المانعية التي يؤخذ الوصول بالمعنى الأعم أو التنجز قيدا فيهما وهو يختص باستصحاب الطهارة وحاصله : انه يلزم في طول جريان استصحاب الطهارة أو عدم النجاسة ارتفاع الجزء الثاني للمانعية أو تحقق فرد من الشرط واقعا وحقيقة فيرتفع الشك الوجداني بلحاظ الأثر التكليفي المراد ترتيبه بالأصل العملي وارتفاع ذلك وان كان في طول جريان الأصل ولكنه يلزم منه ارتفاع موضوع الأصل لأن موضوعه وان كان الشك في النجاسة وهو محفوظ الا ان جريانه يكون بلحاظ الشك في الأثر التكليفي العملي وهو المانعية أو الشرطية فلا يعقل جريانه مع ارتفاعه يقينا.

وان شئت قلت : يلزم منه خروج الأصل في طول جريانه عن كونه حكما ظاهريا طريقيا بالنسبة إلى الأثر الشرعي الّذي يجري بلحاظه وصيرورته حكما واقعيا وهذا مضافا إلى كونه محالا بقانون ان ما يلزم من وجوده عدمه محال لا يمكن استفادته من دليل جعل الحكم الظاهري الطريقي ـ مع قطع النّظر عن ورود الصحيحة في هذا المورد ـ.

لا يقال : التنجز المأخوذ في موضوع المانعية لا يراد به التنجز الفعلي الّذي يرتفع بالاستصحاب بل التنجز التعليقي أي لو لا الاستصحاب ولو من باب الاحتياط العقلي وقاعدة حق الطاعة أو كون الشبهة قبل الفحص أو تمامية موضوع أصل منجز وهذه القضية التعليقية ثابتة بقطع النّظر عن جريان استصحاب الطهارة ولا تنتفي بجريانه لأنه ينفي التنجز الفعلي لا التعليقي فان صدق القضية التعليقية لا يرتبط بصدق طرفها.

فانه يقال : يلزم من ذلك أولا ـ حكومة أي أصل مؤمن عن المانعية ولو البراءة العقلية ـ على القول بها ـ على الاستصحاب لأنه

۳۶۸۱