ويرد على هذه الدعوى :
أولا ـ عدم تماميتها بناء على جعل الجزاء مجموع الجملتين بحسب مرحلة الإثبات ، إذ يكون قوله ( ولا تنقض اليقين بالشك ) غير مربوط بخصوص اليقين بالوضوء كما تقدم شرحه.
وثانيا ـ من وجوه اقتناص الكبرى الكلية إعمال المناسبات والارتكازات المقتضية لانعقاد ظهور في الحديث في إمضاء كبرى كلية مركوزة ولو بمرتبة ضعيفة فحتى لو لم يكن في النص إطلاق بحسب ما هو حاق اللفظ كفانا ذلك في اقتناص كبرى كلية من مثل هذا السياق. وهكذا يتضح ان هذه الاحتمالات التي أبرزت في كلمات المحققين في فقه الحديث لا أثر لها في استفادة قاعدة الاستصحاب منه.
الأمر الثاني : قد يناقش في الاستدلال بالحديث على الاستصحاب بإبراز احتمال نظره إلى قاعدة المقتضي والمانع لا الاستصحاب ولا أقل من الإجمال ومأخذ هذه الدعوى يمكن ان يكون أحد تقريبين :
التقريب الأول ـ اسناد اليقين في الحديث إلى الوضوء حيث قال ( فانه على يقين من وضوئه ) ومن الواضح ان الوضوء ليس شيئا يمكن ان يدوم ليشك في بقائه وعدمه ، نعم هو مقتض لأثر الطهارة التي يعقل فيها الحدوث والبقاء طالما لم يأت المانع وهو النوم وهذا يعني ان موضوع القاعدة المبينة في الحديث انما هو اليقين بمقتضي الحكم الشرعي والشك في طرو مانعه وهذا يناسب قاعدة المقتضي والمانع لا الاستصحاب.
ويرده : ان الوضوء على ما يستفاد من إطلاقه الشرعي والمتشرعي في الروايات قد اعتبر بنفسه امرا قابلا للدوام والاستمرار فالمكلف بعد إيقاع فعل الوضوء يكون على وضوء بحيث يعتبر نفس وضوئه امرا باقيا تعبدا واعتبارا ومن هنا يسند إليه النقض في أدلة النواقض وأيضا في نفس الحديث قد عبر في صدره الرّجل ينام وهو على وضوء فكلمة الوضوء في ألسنة الروايات لا بد وان تحمل على هذا المعنى ومعه تكون أركان الاستصحاب أعني اليقين والشك مما يمكن افتراض تعليقهما بالوضوء بهذا المعنى.
بل حمل الحديث على قاعدة المقتضي والمانع خلاف الظاهر ، لأن مقتضى سياق