لا يقال : الاشتداد ليس صفة للحدث الأصغر بل يعني بحسب الدقة إضافة مرتبة من الحدث عليه مع بقاء ذات الحدث الأصغر فالجاري استصحاب بقائه بعد الوضوء.
فانه يقال : دليل رافعية الوضوء للحدث الأصغر لا بدَّ وأَن يكون قد أخذ في موضوعه عدم الاشتداد أو قل عدم طرو الحدث الأكبر فيكون استصحاب عدمه منقحاً لموضوع الرافعية فيحكم على استصحاب بقاء الحدث الأصغر كما قلنا في الصورة السابقة.
الثالث ـ أَن يفترض التضاد بين الحدثين وقد أفاد جريان استصحاب الكلي من القسم الثاني في هذه الفرضية حيث يتحقق علم إجمالي بحصول الحدث الأكبر أو الأصغر بعد خروج البلل المشتبه فيجري استصحاب مطلق الحدث ويجب الغسل والوضوء وحيث انَّ الفتوى المشهورة في الفقه كفاية الوضوء استظهر من ذلك انَّ المشهور لا يرون التضاد بين الحدثين.
إلاّ انَّ هذا الاستظهار في غير محله ، فانَّ الصحيح ما افادته مدرسة المحقق النائيني ( قده ) في المقام في تخريج هذه الفتوى من انَّ المستفاد من آية الطهور ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ... إلخ ) انَّ موضوع مطهرية الوضوء ورافعيته مركب من جزءين أحدهما القيام إلى الصلاة من النوم الّذي هو كناية عن الحدث الأصغر والثاني أَن لا يكون جنباً بحكم ذيل الآية الوارد فيه تقسيم المقسم وهو المحدث بالأصغر إلى الجنب وغير الجنب ، وهذا الموضوع المركب يحرز جزؤه الأول بالوجدان وجزؤه الثاني باستصحاب عدم الأكبر ـ أي عدم الفرد الطويل ـ فيتنقح موضوع رافعية الوضوء للحدث ومطهريته ، وهذه نكتة خاصة جعلت استصحاب عدم الفرد الطويل في خصوص هذا الفرع الفقهي حاكماً على استصحاب الكلي من القسم الثاني لكونه منقحاً لموضوع المطهرية الفعلية.
الرابع ـ أَن يفرض الشك في التضاد بين الحدثين فلا يدري هل يجتمعان معاً أم لا. وقد أفاد انَّ استصحاب جامع الحدث في هذه الصورة وان كان من القسم الثاني للكلي لأنَّ احتمال التضاد يؤدي إلى العلم إجمالا بتحقق أحد الحدثين على الأقل بعد خروج البلل المشتبه إلاّ انه رغم ذلك حكم بعدم جريانه باعتبار ان المستصحب لا بد وأَن يكون على تقدير مطابقته للواقع نفس المتيقن للزوم وحدة متعلق اليقين والشك ،