٣ ـ أَن يكون الحكم متعدداً ومعلوماً إجمالاً بأَن نعلم انَّ أحدهما موضوع لوجوب الصدقة والآخر موضوع لوجوب الصلاة إجمالاً وعلم إجمالاً بدخول أحدهما في المسجد كما علم تفصيلاً بخروج زيد منه. ومقتضى الصناعة في هذه الصورة جريان الاستصحاب في الفرد لا بعنوانه التفصيليّ ليقال باحتمال انطباقه على الفرد القصير المتيقن انتفاؤه فلا يكون من نقض اليقين بالشك بل بعنوانه الإجمالي الانتزاعي بناءً على ما تقدم من استفادة التعبد ببقاء اليقين السابق من دليل الاستصحاب إذا كان يترتب عليه أثر عملي من تنجيز أو تعذير ، فانه في المقام يكون التعبد ببقاء العلم الإجمالي مفيداً في التنجيز بخلاف الحالة الأولى لأنه في هذه الحالة لا يعلم بارتفاع أحد الحكمين تفصيلاً فلا وجوب الصدقة معلوم الارتفاع ولا وجوب الصلاة بل كل منهما محتمل فيمكن للمولى أَن لا يرفع يده عن الواقع المحتمل ويحافظ عليه على كل تقدير فيكون العلم الإجمالي التعبدي منجزاً لكلا الحكمين ، والعلم بانتفاء أحد الحكمين إجمالا في الآن الثاني لا يمنع عن تنجيز العلم الإجمالي لأنَّ العلم الإجمالي بالترخيص لا يمنع عن منجزية العلم الإجمالي بالإلزام كما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين وطهارة الآخر إجمالاً ، وهذه من نتائج ما استظهرناه في أدلة الاستصحاب من ان مفادها التعبد ببقاء اليقين (١).

٤ ـ أَن يكون الحكم واحداً ولكن موضوعه مردد معلوم بالإجمال كما إذا علمنا بوجوب الصدقة عند دخول زيد أو عمرو في المسجد وعلمنا بدخول أحدهما إليه في الآن الأول وعلمنا بعد ذلك بخروج زيد لو كان هو الداخل. وهذه الحالة ملحقة بالحالة الثانية فيما إذا لم يحرز وحدة المعلومين الإجماليين أي انَّ المعلوم دخوله في المسجد

__________________

(١) يمكن أَن يقال : انَّ التعبد ببقاء اليقين فرع صدق نقض اليقين بالشك ، وهذا يعني انه لا بد في المرتبة السابقة من ملاحظة مدى انطباق هذا العنوان وحينئذ نقول : انَّ نقض اليقين بالشك انما يصدق فيما إذا كان الشك في بقاء ما يكون اليقين طريقاً إليه ومنجزاً له وهو واقع المتيقن لا العنوان الإجمالي الانتزاعي ـ كما في المقام ـ.

وإن شئت قلت : انَّ الشك هنا ليس في بقاء المتيقن بل يقطع بأنَّ المتيقن منتف على تقدير وباق على تقدير آخر وانما الشك بحسب الحقيقة في كون الحادث ما قطع بانتفائه أم لا فلا يصدق نقض اليقين بالشك بلحاظ ما يكون اليقين طريقاً إليه وهو واقع المتيقن ، وامَّا الشك في عنوان الفرد الانتزاعي فهو لا يكفي لصدق النقض العملي لليقين بالشك لعدم كونه موضوعاً للأثر ليكون اليقين طريقاً إليه وان كان متعلقاً به فانَّ تعلق اليقين بالعنوان الإجمالي طريق منجز عقلاً لحكم العنوان التفصيليّ بحسب الفرض فلا بدَّ وأَن يكون النقض بالشك بلحاظه أيضاً فتأمل جيدا.

۳۶۸۱