حدوثاً مما يحتمل بقاؤه بشخصه ، لأنَّ قيام الأمارة ونحوه ليس إلاّ سبباً لشدة الاهتمام وليس موضوعاً له.
ويترتب على تمامية هذين الأمرين إمكان إجراء الاستصحاب في الحكم الظاهري بمعنى روح الحكم الظاهري وحقيقته لتمامية أركان الاستصحاب فيه حينئذ من اليقين بحدوثه والشك في بقائه بشخصه.
وهذا الوجه تام لو لا وجود حاكم على استصحاب شدة الاهتمام أعني استصحاب الحكم الظاهري اللزومي وهو يتمثل في دليل البراءة الشرعية الدالة على عدم الاهتمام فانَّ استصحاب شدة الاهتمام بحسب الحقيقة ينافي مدلول دليل البراءة الدال على عدم الاهتمام وهو أمارة مقدمة على الاستصحاب ففرق بين استصحاب الحكم الواقعي عند الشك فيه فانه لا ينافي مدلول دليل البراءة لأنَّ البراءة ليست أمارة على الواقع فيكون الاستصحاب والبراءة من هذه الناحية في عرض واحد فيؤخذ بالاستصحاب لتقدم دليله على دليلها وبين المقام الّذي يكون استصحاب شدة الاهتمام منافياً مع دليل البراءة ونافياً لما يدل عليه بالإطلاق من عدم الاهتمام فيتقدم عليه دليل البراءة لكونه أمارة.
وإن شئت قلت : انَّ المقام يدخل في كبرى دوران الأمر بين الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص أو العموم الأزماني للعام ، لأن دليل البراءة دل على عدم الاهتمام في تمام الشبهات حدوثاً وبقاءً ودليل صدق العادل اخرج منه حالة قيام الأمارة على الإلزام فإذا قامت الأمارة على حدوث الإلزام خصص عموم دليل البراءة الدال على عدم الاهتمام بلحاظ الحدوث ، وامّا بلحاظ البقاء فالمفروض عدم دلالة الخبر عليه فبانتهاء المدة التي دلّ عليها الخبر تنتهي دلالة المخصص للعام وانما يراد إثبات شدة الاهتمام ـ لا الواقع ـ بالاستصحاب فيكون معارضاً مع العموم الأزماني للعام الدال على عدم الاهتمام في كل شبهة وهو مقدم على استصحاب حكم المخصص (١).
__________________
(١) لا يقال دليل البراءة وهو العام وفي المقام مخصص بحسب الفرض بأَن لا يكون على خلافه استصحاب فكيف يمكن التمسك به.
فانه يقال : البراءة عن كل حكم مشكوك مقيد بعدم وجود استصحاب مثبت لذلك الحكم لا لحكم آخر فلو كان الاستصحاب مثبتاً للحكم الواقعي تقدم على البراءة ولم يكن يصح التمسك بدليلها للتخصيص المذكور ، وامَّا إذا كان