الوجه الرابع ـ ما اختاره جملة من المحققين من البناء على قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي وحيث انَّ اليقين قد أخذ موضوعاً للاستصحاب فتقوم الأمارة على الحدوث مقامه فيجري الاستصحاب بهذا الاعتبار.

وتقريب قيام الأمارة هنا مقام القطع الموضوعي المأخوذ في دليل الاستصحاب يكون بأحد نحوين :

الأول ـ دعوى قيامها مقامه بالورود ، لأنَّ دليل الاستصحاب قد أخذ فيه اليقين بالحدوث بما هو حجة ومنجز موضوعاً للتعبد بالبقاء ، والأمارة حجة كذلك فيتحقق موضوع التعبد الاستصحابي وجداناً وحقيقة وهو معنى الورود.

وفيه : أولا ـ انَّ اليقين في لسان أدلة الاستصحاب ظاهر في إرادة ذات اليقين لا مطلق المنجز كما لا يوجد اصطلاح شرعي أو عرفي لليقين بمعنى مطلق المنجز.

ودعوى : انَّ مقتضى الارتكاز العرفي عدم الفرق بين اليقين وغيره من المنجزات في لزوم الجري على ما كان يجري عليه الشخص حدوثاً.

مدفوعة : بالمنع عن وجود ارتكاز من هذا القبيل بل يحتمل اختصاص ارتكاز الجري على الحالة السابقة ولو ببعض مراتبه باليقين الّذي فيه استحكام مخصوص وقد تقدم انَّ أصل مركوزية الاستصحاب ليست على أساس محض الطريقية والكاشفية بل

__________________

الاستصحاب مثبتاً للحكم الظاهري وشدة الاهتمام كما هو المفروض في المقام فهذا الاستصحاب كما ذكر في المتن معارض مع مدلول دليل البراءة لا نفس البراءة ، ودليل البراءة أمارة على البراءة وعدم الاهتمام ، ودليل الاستصحاب مقيد بأَن لا يكون على خلاف المستصحب أمارة فتأمل جيداً.

ثم انه يمكن ان يمنع عن أصل جريان استصحاب شدة الاهتمام الّذي يعني استصحاب الحكم الظاهري بأحد وجهين :

الأول ـ دعوى انَّ شدة الاهتمام الّذي هو روح الحكم الظاهري مهما كانت صياغته متقوم عرفاً بالأمارة أي شدة اهتمام بالكاشفية وقوة الاحتمال مثلاً وهذا مقطوع الارتفاع بحيث لو فرض بقاء الاهتمام كان بملاك آخر فهو حكم ظاهري آخر واهتمام مباين مع الاهتمام الثابت بلحاظ الحدوث عرفاً ، والميزان في تطبيق دليل الاستصحاب وصدق البقاء لا بد وان يكون بالنظر العرفي.

الثاني ـ انَّ الحكم الظاهري وإن فرض غير متقوم بدرجة الكشف والاحتمال أو المحتمل ولكن لا إشكال في تقومه بالحكم الواقعي المشتبه الّذي يراد التأمين عنه أو تنجيزه ، ومن الواضح انَّ الحدوث المشكوك غير البقاء المشكوك والأمارة أو الأصل انَّما يؤمنان أو ينجزان عن حدوث الحكم المحتمل بحسب الفرض وامَّا بقاؤه أو انتقاضه بعد حدوثه فهو موضوع آخر للحكم الظاهري.

وان شئت قلت : انَّ الحكم الظاهري الثابت يعني التأمين أو التنجيز للحكم المحتمل من ناحية حدوثه وهذا مقطوع البقاء فانه في مرحلة البقاء أيضاً يقطع بالتأمين أو التنجيز عن الحدوث وانَّما الشك في طرو حكم آخر بقاءً وهو موضوع آخر غير ما يؤمن أو ينجز عنه الحكم الظاهري الأول.

۳۶۸۱