ويلاحظ عليه : أولا : بالإمكان اختيار الشق الثاني ، ودعوى انَّ التلازم بين تنجز الحدوث وتنجز البقاء لا حدوث التنجز وبقاء التنجز وهذا يعني انه في كل آن انما يتنجز البقاء إذا كان الحدوث متنجزاً وبعد انحلال العلم الإجمالي في المثال يرتفع تنجز الحدوث فلا تنجز للبقاء أيضاً.

وثانياً ـ انَّ أصل هذا الإيراد غريب من نوعه ، فانَّ المدعى ليس هو الملازمة بين الحدوث والبقاء الواقعيين ولا بين التنجيز حدوثاً وبقاء وانما المدعى التعبد بالملازمة بين الوجود الواقعي للحدوث والوجود الظاهري للبقاء فلا يكون ثبوت البقاء بالأمارة بل بالأصل وهو الحكم الظاهري بالبقاء فلا تكون لوازمه حجة كما انَّه لا بد من إحراز الحدوث الواقعي وتنجيزه في كل آن لترتب البقاء الظاهري وتنجيزه بلحاظ ذلك الآن وهذا واضح.

ونستخلص من مجموع ما تقدم انَّ أصل هذا الوجه لتصحيح جريان الاستصحاب في موارد ثبوت الحالة السابقة بالأمارة تام حيث استفدنا من بعض أدلة الاستصحاب على الأقل كفاية ثبوت الحالة السابقة واقعاً في التعبد الظاهري بالبقاء فتكون الأمارة على الحدوث منقحة لموضوع الاستصحاب (١).

الوجه الثالث ـ ويتألف من مقدمتين :

الأولى ـ قد تقدم في محله انَّ حقيقة الحكم الظاهري على اختلاف صياغاته امر واحد وهو إبراز درجة اهتمام الشارع بملاكاته الواقعية المتزاحمة في مرحلة الحفظ ، وهذا امر ثبوتي محفوظ في موارد الحكم الظاهري وموضوع للتنجيز أو التعذير عند وصوله للمكلف على حد الملاكات والأحكام الواقعية.

الثانية ـ انَّ موارد قيام الأمارة على الحالة السابقة وان كان يعلم فيها بارتفاع موضوع الحكم الظاهري بقاءً حيث انَّ الأمارة تدل على الحدوث فقط ولا دلالة لها على البقاء إلاّ انَّ روح الحكم الظاهري وحقيقته وهو اهتمام الشارع بالحكم المتيقن

__________________

(١) وينبغي أَن يعلم بأنَّ هناك فرقاً أساسياً بين هذا العلاج وسائر الوجوه لعلاج الإشكال من حيث انَّ هذا الوجه يثبت نتيجة جريان الاستصحاب بنفس الأمارة وحجيتها لا بدليل الاستصحاب أي انَّ حكومة الأمارة وتنقيحها لموضوع التعبد بالبقاء ـ الّذي هو الاستصحاب ـ ظاهري هنا بخلافه بناءً على الوجوه الأخرى فاننا في تلك الوجوه جميعاً كما سوف يظهر نتمسك بإطلاق دليل الاستصحاب حقيقة ونثبت به التعبد بالبقاء بعد إحراز موضوع التعبد الاستصحابي حقيقة ولو في طول استفادة توسعته وإرادة ما يعم اليقين الوجداني والتبعدي منه فانَّ هذه التوسعة سواء كانت بالورود أو بالحكومة تكون واقعية لا ظاهرية فتأمل جيداً.

۳۶۸۱