الحكم الظاهري لغو عقلاً أو عقلائياً وعرفاً على أقل تقدير وهذا يعني ان دليل التعبد الاستصحابي بالحدوث يلازم التعبد الاستصحابي بقاءً أيضاً فيقع التنافي بينه وبين القاعدة (١) وحينئذ لو قلنا بأنَّ تقدم القاعدة على الاستصحاب الجاري في موردها بعد العمل يكون بملاك الحكومة ورفعها للشك فهذا الوجه لا يتم هنا لأنها لا ترفع الشك حين العمل والتعبد الاستصحابي بعد العمل لازم دليل الاستصحاب لا نفس الاستصحاب فيكون التعارض بحسب الحقيقة بين دليل التعبدين بلحاظ ما بعد الفراغ عن العمل ، وإنْ قلنا بأنَّ تقدم القاعدة على الاستصحاب بملاك التخصيص وتقدم ظهور دليلها على ظهور دليله كما هو الصحيح فهذا يجري في المقام أيضاً فيحكم بصحة الصلاة بالقاعدة على كل حال.
الفرع الثاني ـ ما ذكره المحقق العراقي ( قده ) ، من ان المكلف إذا كان عالماً بالطهارة ثم شك في بقائها ثم غفل وصلى وبعد الصلاة حصل له العلم بتوارد الحالتين عليه من الطهور والحدث قبل الصلاة مع عدم معرفة المتقدم منهما عن المتأخر فانه في مثل هذا الفرض لا تجري قاعدة الفراغ لأنَّ موضوعها الشك بعد الفراغ وهو هنا عرفاً نفس الشك المتقدم على العمل وليس شكاً جديداً ، كما انَّ استصحاب الطهارة بلحاظ ما بعد الصلاة لا يجري لتوارد الحالتين فلا يبقى إلاّ استصحاب الطهارة بلحاظ الشك التقديري حال الصلاة ، فان قيل بجريانه صحت صلاته وإن قيل بعدم جريانه وجبت الإعادة بناء على شرطية الطهور في الصلاة.
ويلاحظ عليه : أولا ـ ان هذا الشك فعلي حين العمل وليس تقديرياً ، لأنَّ الشك كالعلم والظن تارة يكون ملتفتاً إليه وأخرى لا يكون ملتفتاً إليه بعد حصوله ولكنه موجود في أعماق النّفس وعدم الالتفات إلى ما في النّفس لا يرفعه لا دقة ولا عرفاً ولهذا قيل بعدم شمول قاعدة الفراغ لهذا المكلف بعد العمل لكون شكه نفس الشك السابق. فإذا كان الدليل على عدم جريان الاستصحاب في الشك التقديري عدم فعلية الشك فهو غير تام في المقام ، نعم لو كان المدرك الوجه الثبوتي الّذي ذكره
__________________
(١) انَّ فرض لغوية جعل التعبد الاستصحابي في حال الغفلة فهذا معناه انَّ جعل الحكم الظاهري الاستصحابي في مورد الشك التقديري لغو عقلائياً وهذا يؤدي إلى عدم شمول دليل الاستصحاب للشك التقديري لا شموله له وثبوت لازم يخرجه عن اللغوية فانَّ الدليل لم يكن وارداً في الشك التقديري لتتم فيه دلالة الاقتضاء مثلاً.