وجوب الوضوء لكل صلاة

بقي الكلام فيما ذكروه من وجوب الوضوء عليها لكل صلاة مع أن صحيحة زرارة (١) لم تتعرض لوجوب الوضوء عليها لكل صلاة ، وكذا صحيحة معاوية (٢) لأنها إنما دلّت على أنها تتوضأ فحسب ، وأمّا أنها تتوضأ لكل صلاة فلا دلالة لها عليه.

هذا والصحيح ما ذكره المشهور من وجوب الوضوء عليها لكل صلاة ، لأمرين :

أحدهما : صحيحة زرارة من جهة القرينة الخارجية ، وذلك لبُعد أن تبقى المستحاضة على طهارتها من أوّل الصبح إلى آخر وقت العشاء ، لأنه لا يتحقق أصلاً أو يتحقق نادراً ، ومع كونها محدثة بشي‌ء من الأحداث بعد غسلها أول الصبح إما أن تصلِّي مع الحدث وإما أن يجب عليها الوضوء والصلاة ، والأول لا يمكن الالتزام به ، فيتعين الثاني وهو المطلوب ، وقوله « صلّت بغسل واحد » لا نظر له إلى عدم وجوب الوضوء مع الغسل ، بل هو قبال الغسل المتعدد ويدلُّ على أن الغسل لا يجب تعدده عليها.

وهذا الوجه يمكن المناقشة فيه بأن بقاء المستحاضة إلى آخر العشاء على طهارتها وإن كان بعيداً إلاّ أنها تتمكن من البقاء عليها بمقدار صلاتين ، فمع طهارتها لماذا يجب عليها الوضوء للصلاة الثانية ، أو ننقل الكلام إلى صلاة الغداة التي اغتسلت قبلها لأيّ وجه يجب عليها أن تتوضأ لصلاة الغداة.

الثاني : وهو العمدة موثقة سماعة « وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة » (٣) ، لما تقدم من أن حمل « لم يجز » على لم يثقب خلاف الظاهر ولا يمكن الالتزام به بل هو باق بمعناه ، وهو مقيد لإطلاق الجملة السابقة عليه « إذا ثقب الدم الكرسف » ، نظير قوله تعالى ﴿ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (٤) وقد مر الكلام فيه مفصلاً.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.

(٢) الوسائل ٢ : ٣٧١ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١ وفي ذيلها : « وصلّت كل صلاة بوضوء ».

(٣) الوسائل ٢ : ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦.

(٤) المائدة ٥ : ٦.

۴۲۴