إلاّ أن دلالتها على وجوب الأغسال الثلاثة في الاستحاضة المتوسطة إنما هي بالإطلاق ، ولا مناص من تقييده بصحيحة زرارة (١) الدالة على أن وجوب الأغسال الثلاثة إنما هو مع تجاوز الدم عن الكرسف ، وأمّا إذا ثقب ولم يتجاوز عنه فلا يجب عليه إلاّ غسل واحد.

وهذه الرواية غير قابلة للمناقشة في دلالتها ولا في سندها ، ومعه لا بدّ من تقييد صحيحة معاوية بن عمار وغيرها من المطلقات بما إذا كان الثقب مع التجاوز.

تعيين محل الاغتسال

وبعد ما ظهر لك أن الواجب في الاستحاضة المتوسطة غسل واحد يقع الكلام في محلِّه وأنها تغتسل في أيّ موضع ، فإن غاية ما يستفاد من الأخبار الواردة في المقام أن الغسل شرط لواحدة من صلواتها ، فلها أن تأتي به بعد صلاة المغرب إذ به يتحقق الشرط ، فلزوم الإتيان به قبل صلاة الغداة كما ذهب إليه المشهور أمر لا موجب له.

وقد يقال : إن الأخبار وإن كانت مطلقة إلاّ أن الإجماع قام على لزوم الإتيان به قبل الغداة فيما إذا استحيضت قبلها ، وهو المقيد لإطلاقات الأخبار ، هذا.

ولا يخفى أنه يمكن استفادة ما ذهب إليه المشهور من لزوم الغسل قبل الغداة فيما إذا كانت الاستحاضة قبلها من نفس صحيحة زرارة من دون حاجة في ذلك إلى الإجماع وذلك لقوله عليه‌السلام « فإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ، ثم صلّت الغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، والمغرب والعشاء بغسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد » (٢).

وذلك بتقريب أن قوله عليه‌السلام مع تجاوز الدم إنها صلّت الغداة بغسل ، معناه أنها تغتسل قبل صلاة الصبح ، وإلاّ لو اغتسلت بعدها لم يصدق أنها صلّت الغداة بغسل ، وهكذا الحال في صلاتي الظهرين وصلاتي المغرب والعشاء. وعليه فمع تجاوز‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.

(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.

۴۲۴