وعلى هذا يشكل مسّ العظام (*) المجردة المعلوم كونها من الإنسان في المقابر أو غيرها ،


أنّ المسّ معلوم بالوجدان وعدم كونه بعد الغسل بالاستصحاب لا بدّ من الحكم بوجوب الغسل في جميع الصور المتقدِّمة.

نعم ، ورد في صحيحة الصفار : أنّ المسّ قبل الغسل موجب للغسل (٢) ، إلاّ أن ظاهرها وهو كون المسّ مشروطاً وجوبه بالتغسيل بعده على نحو الشرط المتأخّر أمر غير محتمل ، لاستلزامه أن لا يجب المسّ فيما إذا لم يقع تغسيل إلى يوم القيامة ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به.

ومعه إمّا أن يراد بالقبل عدم الغسل بمعنى أنّ المسّ الّذي ليس معه غسل موضوع للوجوب ، ومعه تجري أصالة عدم تحقق المسّ قبل التغسيل في صورة العلم بتاريخ الغسل ، وبه ننفي وجود الموضوع لوجوب الاغتسال دون بقية الصور كما مرّ.

وإمّا أن يراد به عدم كون المسّ واقعاً بعد الغسل نظراً إلى الواقع ، لأنّ المسّ إمّا أن يقع قبل الغسل وإمّا أن يقع بعد الغسل ولا ثالث ، فإذا لم يمكن إرادة القبلية قطعاً فلا مناص من حمل القبل على إرادة أن لا يكون المسّ هو الضد الآخر الّذي لا يجب فيه الغسل ، أي المسّ الّذي لا يكون بعد الغسل ، وهو القيد العدمي الّذي ذكرناه ، ومعه يحكم بوجوب غسل المسّ في جميع الصور كما مرّ.

وحيث إنّ الصحيحة لا قرينة فيها على أحد الأمرين فتصبح مجملة ، والمجمل يحمل على المبين وهو صحيحة محمّد بن مسلم الدالّة على أنّ المسّ بعد الغسل لا يجب معه الغسل ، ومعه يكون المسّ الّذي يجب معه الغسل مقيّداً بأن لا يقع بعده غسل كما بيّناه.

__________________

(*) لا إشكال فيه بناءً على ما ذكرناه من عدم الوجوب في مسّ العظم المجرّد.

(١) الوسائل ٣ : ٢٩٠ / أبواب غسل المسّ ب ١ ح ٥.

۴۲۴