فإذا ثبت شرعاً أنها ليست بذات قرحة وعلة فلا محالة يتعين أن يكون الدم استحاضة ، لدوران الأمر بينهما على الفرض ، والاستحاضة وإن كانت مسببة عن علّة لا محالة ، فإن المرأة لو كانت سليمة وغير ذات علة وإن لم توجد إلاّ نادراً لا تبتلي بالاستحاضة أبداً ، فهي على خلاف الخلقة الأصلية إلاّ أنها لما كانت كثيرة التحقق في أكثر النساء بل جميعهن فلذا لا تعد الاستحاضة عيباً ، فكأنها صارت طبيعة ثانية للنساء لا يمكن دفع احتمالها بأصالة السلامة.

ونظير ذلك ما ذكروه في الأغلف من العبيد المجلوبين من بلاد الكفر من أن الغُلفة وإن كانت زائدة على الخلقة الأصلية إلاّ أنها لتحققها في الأكثر أو الجميع عدت طبيعة ثانوية ولا تعد نقصاً وعيباً.

وكيف كان فمقتضى أصالة السلامة التي هي أصل عقلائي هو الحكم بكون الدم استحاضة حينئذ.

ويدلُّ على ذلك أيضاً سكوت الأخبار الواردة في المقام على كثرتها عن التعرض لما إذا احتمل أن يكون الدم من القرحة ، حيث لا تعرض فيها لحكمه لا من الأئمة عليهم‌السلام ولا من الرواة ، فلو كان له حكم آخر غير أحكام الاستحاضة التي رتبوها على ما إذا لم يكن الدم حيضاً لبينه الأئمة ( سلام الله عليهم ) وتعرضوا له لا محالة ، فسكوتهم عن ذلك دليل على أن احتمال كون الدم من القرح ونحوه ملغى في نظرهم.

بل في مرسلة يونس القصيرة تعرضوا لكون الدم من القرحة فيما إذا رأت الدم يوماً أو يومين وانقطع ولم تر الدم بعد ذلك إلى عشرة أيام حيث قال : « لم يكن من الحيض إنما كان من علّة ، إما قرحة في جوفها وإما من الجوف ، فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها ، لأنها لم تكن حائضاً ... » (١) إلاّ أنها صرحت أن حكمها حينئذ حكم الاستحاضة ، حيث نفت عنها الحيض وأوجبت عليها القضاء ، وهذا لا يتحقق‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٩٩ / أبواب الحيض ب ١٢ ح ٢.

۴۲۴