على الثلث على إرادة من يراعي جميع السنن والآداب ، فإنه لا مناص له من التقديم ليتسع الوقت للجميع ، وما دل على آخر الليل على من يقتصر على النافلة ، فيختلف ذلك باختلاف المصلّين من حيث التطويل والتقصير.

واخرى : بالحمل على اختلاف مراتب الفضل ، فوقت النافلة يدخل عند الانتصاف ، والأفضل التأخير إلى الثلث الباقي ، وأفضل منه التأخير إلى آخر الليل ، وبذلك يرتفع التنافي المراءى بين الأخبار.

ويعضده الجمع بين السحر الذي عرفت اتحاده مع الثلث الباقي وبين آخر الليل في صحيحة أبي بصير المتقدمة (١) ، والتصريح بأن الثاني أحب ، الكاشف طبعاً عن المغايرة وعن الأفضلية حسبما ذكرناه ، وأما أنه كلما كان أقرب إلى الفجر كان أفضل فلا دليل على هذه الكلية كما أسلفناك.

بقي شي‌ء : وهو أنه يستفاد من جملة من الروايات أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقوم إلى صلاة الليل بعد ثلثه أو نصفه ، ويأتي بها متفرقة ، ففي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه فوضع عند رأسه مخمراً فيرقد ما شاء الله ، ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ، ثم يرقد حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثم صلى الركعتين ، ثم قال : لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة ، قلت : متى كان يقوم؟ قال : بعد ثلث الليل » (٢) ، قال الكليني وقال في حديث آخر : « بعد نصف الليل » (٣).

فكيف ينسجم ذلك مع أفضلية التأخير إلى الثلث الباقي أو إلى آخر الليل وكيف جرت عادته صلى‌الله‌عليه‌وآله على ترك ما هو الأفضل.

__________________

(١) في ص ٢٧٢.

(٢) الوسائل ٤ : ٢٧٠ / أبواب المواقيت ب ٥٣ ح ٢.

(٣) المصدر المتقدم ح ٣ ، الكافي ٣ : ٤٤٥ / ١٣.

۴۹۵۱