ووجوبها تعييناً (١) وهو أوّل من ذهب إلى هذا القول وتبعه على ذلك جملة من المتأخرين كصاحب المدارك (٢) وغيره ، واحتمل في الجواهر صدور هذه الرسالة منه في صغره لما فيها من الطعن والتشنيع على أساطين المذهب وحفّاظ الشريعة بما لا يليق به ولا ينبغي عن مثله ، وقد عدل عنه في باقي كتبه (٣).

ثم إن المنكرين للوجوب التعييني اختلفوا ، فمنهم من أنكر المشروعية رأساً في زمن الغيبة كابن إدريس وسلار (٤) وغيرهما ، بل ربما نسب ذلك إلى الشيخ أيضاً (٥) ومنهم من أثبت المشروعية والاجتزاء بها عن الظهر الراجع إلى الوجوب التخييري. وهذا هو الأشهر بل المشهور وهو الأقوى.

فلنا في المقام دعويان : نفي الوجوب التعييني وإثبات المشروعية ، وبذلك يثبت الوجوب التخييري ، فيقع الكلام في مقامين :

أما المقام الأول : فيظهر الحال فيه من ذكر أدلة القائلين بالوجوب التعييني وتزييفها ، وقد استدلوا لذلك بالكتاب والسنّة.

أما الكتاب : فقوله تعالى ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ .. إلخ (٦) بتقريب أن المنصرف من الكلام بعد ملاحظة تخصيص الجمعة من بين الأيام ، إرادة صلاة الجمعة من ذكر الله ، فيجب السعي إليها لظهور الأمر في الوجوب ، لا سيما الأوامر القرآنية على ما ذكره صاحب الحدائق (٧) وإن لم نعرف وجهاً للتخصيص وهذا‌

__________________

(١) رسائل الشهيد : ٥١.

(٢) المدارك ٤ : ٨.

(٣) الجواهر ١١ : ١٧٤.

(٤) الحلي في السرائر ١ : ٣٠٣ وحكاه عن السّلار في الرياض ٤ : ٧٢ ، لا حظ المراسم : ٧٧.

(٥) الجمل والعقود : ١٩٠.

(٦) الجمعة ٦٢ : ٩.

(٧) الحدائق ٩ : ٣٩٨.

۴۹۵۱