وحيث ان جعل العقاب واقعا ما لم يصل إلى العبد لا يكون بوجوده الواقعي محقّقا للباعثيّة الفعلية والزاجريّة الفعلية ، فقاعدة اللطف تقتضي إيصاله تتميما لمرحلة البعث والزجر.
فلا تكون فعلية استحقاق العقاب المجعول شرعا الا بوصوله إلى العبد.
فلا يكون احتمال التكليف ملازما لاحتمال فعلية الاستحقاق شرعا.
نعم العلم بالتكليف علم بلازمه المجعول ، وبهذا العلم يصير الاستحقاق المجعول فعليا مؤثرا ، كما أنه به يصير التكليف فعليا قابلا للباعثية والزاجرية فعلا.
٢٧ ـ قوله (قدّس سره) : فلا يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر (١) ... الخ.
توضيحه : أن موضوع قاعدة دفع الضرر المحتمل : إن كان احتمال العقوبة لا على تقدير ، فاحتمال العقوبة قبل المراجعة إلى القاعدتين في نفسه غير ملازم لاحتمال التكليف ، لما مرّ من (٢) أن الملازمة بين الاحتمالين فرع الملازمة بين المحتملين ، والملازمة بين العقوبة ومخالفة التكليف غير ثابتة قبل المراجعة حتى تورث التلازم بين احتمال العقوبة واحتمال التكليف ، فلا احتمال للعقاب ، بل للتكليف فقط ، وبعد المراجعة إلى القواعد العقلية ، فقاعدة قبح العقاب تنفي الملازمة بين التكليف واستحقاق العقوبة على مخالفته بما هو ، بل تفيد أن الملازمة إنما تكون بين التكليف الذي قامت عليه الحجة واستحقاق العقوبة. فالاستدلال بقاعدة قبح العقاب بلا بيان للجزم بعدم العقوبة ، لا للفراغ عن حكم العقاب المحتمل لا على تقدير ، إذ المفروض عدم احتمال العقاب لا على
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٤٣.
(٢) في التعليقة السابقة.