وحيث إن موضوع الاستحقاق بالأخرة هو الظلم على المولى ، فمع عدمه لا استحقاق قطعا ، وضم قبح العقاب من المولى أجنبي عن المقدار المهم هنا ، وإن كان صحيحا في نفسه.
٢٦ ـ قوله (قدّس سره) : مع استقلاله بذلك لا احتمال لضرر العقوبة (١) ... الخ.
لأن مقتضى ما تقدم أنه لا ملازمة بين مخالفة التكليف الواقعي واستحقاق الذم والعقاب بل الملازمة بين مخالفة التكليف الذي قامت عليه الحجة واستحقاق الذم والعقوبة.
فاذا لم يكن تلازم بين مخالفة التكليف الواقعي واستحقاق العقاب ، فلا يلازم احتمال التكليف احتمال استحقاق العقوبة على مخالفته ، إذ الملازمة بين القطعين أو الظنّين أو الاحتمالين ، للتلازم بين المقطوعين والمظنونين والمحتملين ، فبعد فرض انتفاء الملازمة بين المحتملين لا يعقل التلازم بين الاحتمالين.
ولا يخفى عليك أن حصر الملازمة ـ في ما ذكرنا ـ لا يبتني على كون استحقاق العقاب بحكم العقل من باب قبح الظلم.
بل إذا كان بجعل الشارع كان الأمر كذلك ، لما مرّ في غير مقام أن بناء جعل العقاب شرعا على أن قاعدة اللطف تقتضي إيصال العباد إلى مصالحهم بالبعث نحو ما فيه المصلحة ، وحفظهم عن الوقوع في المفاسد بزجرهم عما فيه المفسدة.
وحيث إن البعث والزجر ما لم يكن على مخالفتهما عقوبة لا يكون باعثا فعليا ، ولا زاجرا كذلك في نفوس العامة ، فقاعدة اللطف تقتضي جعل العقاب على مخالفتهما.
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٤٣.