الاطمئنان بالتكليف ، أو بوجود مدرك صحيح له ، فانه بعد إخراج هذه الجملة ليست دعوى عدم العلم الاجمالي مجازفة. هذا بعض الكلام في ما يناسب المقام من انحلال العلم الاجمالي.
والتحقيق : أن مثل هذا العلم الاجمالي بالأحكام هو في نفسه قاصر عن تنجيز الواقعيات ، لما مرّ في مباحث الانسداد من عدم تعلقه بأحكام فعلية بعثية أو زجرية ، بل بأحكام كلية بنحو القضايا الحقيقية المنوطة فعليتها بفعلية موضوعاتها عند الابتلاء بها ، لوضوح تدريجية الابتلاء.
فالمناط عندنا تدريجية الفعلية بتدريجية الابتلاء بها ، لا تدريجية الاستنباط ، كما يراه (١) شيخنا الأستاذ (قدّس سره) فراجع ما حررناه (٢) في أوائل مقدمات الانسداد ، والله أعلم بالسداد.
٤٠ ـ قوله (قدّس سره) : وفيه اولا انه لا وجه للاستدلال (٣) ... الخ.
تحقيق المقام : أن مسألة الحظر والاباحة ، ومسألة البراءة والاحتياط مختلفتان موضوعا وملاكا وأثرا ، لا محمولا ، فلا وجه للاستدلال باحداهما على الأخرى.
أما اختلافهما موضوعا ؛ فلأن الموضوع في الأولى هو الفعل في حدّ ذاته مع قطع النظر عن ورود الحكم الشرعي فيه ، والموضوع في الثانية هو الفعل المشكوك حليته وحرمته شرعا مع ثبوت اصل الحكم فيه.
واما اختلافهما ملاكا فلأن الملاك في المسألة الثانية قبح العقاب بلا بيان
__________________
(١) كما هو صريح كلامه قده في المقدمة الرابعة من مبحث الانسداد. كفاية الأصول : ٣١٤.
(٢) حيث قال ـ بعد بيان مراد المصنف قده بقوله واما الكلام فيه خصوصا ـ بل يمكن أن يقال الخ ، نهاية الدراية : ٣ ، التعليقة : ١٣٢.
(٣) كفاية الأصول : ٣٤٨.