والتحقيق : أن الحجية إمّا بمعنى الوساطة في اثبات الواقع عنوانا أو اعتبارا ، وإمّا بمعنى الوساطة في إثبات الواقع أثرا وتنجزا.
والمبحوث عنه في علم الاصول وساطة الخبر ونحوه بأحد الوجوه.
والمبحوث عنه في علم الفقه قيام الواسطة على إثبات الحكم لا وساطتها.
وعليه ، فالعلم المأخوذ في حد الفقه ـ حيث قيل : إنه علم بأفعال المكلفين من حيث الاقتضاء والتخيير ـ أعم من العلم الوجداني والعلم التنزيلي ، بل أعم من العلم بالحكم وقيام المنجز على الحكم.
نعم ، فيما ليس له جهة الكاشفية والمرآتية ليس له عنوان الوساطة للاثبات ، فلا بد من تعميم الحجية إلى مطلق المنجزية والمعذريّة. فيدخل البحث عن منجزية الاحتمال ، وعن معذرية الجهل أيضا في المسائل الاصولية.
إلا أنه يبقى خصوص البراءة الشرعية بمعنى رفع الحكم أو ثبوت الاباحة على حاله.
اذ لا وساطة في الاثبات اصلا ، ولا معذرية شرعا حتى يندرج تحت قيام الحجة على حكم العمل.
ولا بأس بالاستطراد في مثله.
وأما حديث اختصاص (١) مفاد الاصول العملية بالمجتهد ، لكونه ممن (٢) يتفحص عن الحجة على حكم العمل ، دون سائر القواعد الفقهية العامة ، فانها تعم المجتهد والمقلد.
فتحقيق الحال فيه أن عناوين موضوعات هذه الأحكام الكلية ، ووجوب تصديق العادل ، ووجوب الأخذ بالراجح من الخبرين ، أو التخيير بينهما ، وإن
__________________
(١) كما عن المحقق النائيني ( قده ) في فوائد الاصول ٣ / ٤.
(٢) والصحيح : من.