[ التنبيه الرابع ]
٨٣ ـ قوله ( قده ) : أنه إنما يجب عقلا رعاية الاحتياط في خصوص (١) ... الخ.
توضيحه يتوقف على بيان مقدمة : هي أن للملاقى بالاضافة إلى ملاقيه أنحاء من الوساطة ثبوتا واثباتا وعرضا.
أما الوساطة في الثبوت ، فالمراد منها تأثير النجس في نجاسة ملاقية بأن يترشح النجاسة منه الى ملاقيه ، أو بنحو الاعداد وما أشبه ذلك ، سواء كانت النجاسة من الأمور الواقعية ، أو من الاعتبارات الشرعية الوضعية.
والأولى واضحة ، والثانية أيضا كذلك بعد التأمل ، إذ كما أن ذات النجس لها خصوصية ذاتية بسببها اعتبر الشارع لها هذه الصفة ، كذلك الملاقي يكون بسبب الملاقاة ذات خصوصية مستدعية لاعتبار تلك الصفة له.
وهذا المعنى غير السراية الحقيقية ، فان السراية الحقيقية بسريان ذات النجس وانفصال أجزاء منها إلى الملاقي ، وما نحن فيه بمعنى العلية والتأثير ، وهما لا يقتضيان سريان العلة في المعلول كما في كل علة ومعلول.
وأما الوساطة في الاثبات ، فالمراد منها أن الدليل الدال على وجوب الاجتناب عن النجس دليل على وجوب الاجتناب عن ملاقيه ، فهو متكفل لحكم النجس بالاصالة ، ولحكم المتنجس (٢) بالتبعية.
وعليه فمقتضى الأولى تبعية الملاقي للنجس ثبوتا ، ومقتضى الثانية تبعيته له إثباتا.
وأما الوساطة في العروض ، فالمراد منها أن الملاقي من شئون الملاقى ومن
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٦٢.
(٢) في الاصل : النجس ، والصحيح : ما أثبتناه.