والتعبد بالثانية لا معنى له ؛ لان المفروض أن الاباحة قبل الشرع بمعنى اللاحرج العقلي ليست من مقولة الحكم ، وإلا لزم الخلف. وليست موضوعا ذات حكم شرعي أيضا.

وأما كون الأصل محققا لموضوعها ، فانما يصح إذا كانت من لوازم الأعم من الواقع والظاهر ، كوجوب الاطاعة وحرمة المعصية ، ووجوب المقدمة وحرمة الضد.

ومن الواضح أن الاباحة قبل الشرع هي اللاّحرج عقلا قبل الشرع حقيقة ، لا قبله ولو ظاهرا ، مع ثبوته واقعا.

نعم اللاّحرج قبل وصول التكليف من لوازم الأعم من عدم وصوله واقعا أو ظاهرا.

لكنه بمعنى يساوق قبح العقاب بلا بيان ، ومثله أجنبي عن اللاحرج المغيّا بعدم صدور النهي على الفرض.

فحمل الاباحة على هذا المعنى خلف ؛ لأن المفروض أن الغاية صدور النهي ، لا وصوله.

مضافا إلى أنه لو ترتبت الاباحة بوجه على الأصل لا يجدي في هذه المسألة ، إلا إذا كانت الاباحة المترتبة عليه بمعنى الاباحة الظاهرية المترتبة على مجهول الحكم ، بحيث لو علم لوجب امتثاله.

وأما الاباحة المالكية ، فهي غير شرعية ، فلا دخل لها بالبراءة مع النظر إلى ما هو تكليف المكلف فعلا شرعا.

كما أن الاباحة المترتبة على الجهل بالحكم الذي ما قام النبي صلّى الله عليه وآله أو الوصي عليه السلام بصدد تبليغه لا تجدي في الحكم بالاباحة في مورد الجهل بالحكم الصادر الذي لو علم به لوجب امتثاله ، كما هو المفروض في مسألة البراءة ، ولذا قلنا : بأن رواية الحجب لا تجدي في محل البحث.

۴۶۴۱