٢٣ ـ قوله (قدّس سره) : ولا يكاد يعم ما إذا ورد النهي عنه في زمان (١) ... الخ.
امّا لعدم جريان الأصل فيهما في نفسه ، لعدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، أو لجريانهما وتساقطهما للمعارضة.
ولكنه لا يخفى عليك أن الاباحة الواقعية المستفادة من قوله عليه السلام ( كل شيء مطلق ) ، إما أن تكون مغيّاة حقيقة بعدم صدور النهي واقعا ، أو محدّدة بعدم صدوره.
فان أريد الاولى بحيث كانت هناك إباحة مستمرة تزول بالنهي ، فحينئذ لا يعقل فرض الشك في التقدم والتأخر ؛ لأن هذه الاباحة متقدمة على النهي لفرض ثبوتها واستمرارها إلى أن يرد النهي ، والاباحة الاخرى لا يعقل ورودها على موضوع محكوم بالاباحة ، فلا محالة لو فرضت إباحة أخرى غير الاولى فهي متأخرة عن صدور النهي.
وإن أريد الثانية بحيث كان المراد أن ما لم يصدر فيه نهي مباح ، وما صدر فيه نهي ليس بمباح ، ففرض الشك في التقدم والتأخر معقول ؛ لاحتمال أن يكون المورد كان مما لم يصدر نهي فيه ، فكان مباحا ثم ورد فيه نهي ، أو كان المورد مما صدر فيه نهي ، فلم يكن مباحا من الاول ، ثم زال النهي وصار مباحا.
إلا أن مثل هذا الفرض لا يكون في نفسه مشمولا للخبر ، لا أنه لا يصح الاستدلال بالخبر عليه ، لعدم جريان الأصل المتمم للاستدلال به كما هو ظاهر سياق العبارة.
والسر في عدم شمول الخبر ـ لهذا الفرض في نفسه ـ أن الظاهر ـ بعد جعل عدم صدور النهي محددا للموضوع ـ أن ما لم يصدر فيه نهي مباح ، وأن ما
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٤٣.