ما يتعين أن يكون المقدّر فيه غير المؤاخذة ليس إلا الثلاثة الأخيرة ، وهي الحسد ، والطيرة ، والوسوسة ، فانها غير محرمة ، لا أنها محرمة معفو عنها.

إلا أن عدم حرمتها لا يوجب عدم تقدير المؤاخذة فيها. بل يقدر المؤاخذة في الكل بجامع عدم التكليف المصحح للمؤاخذة ، مع وجود المقتضي لما يصحح المؤاخذة حتى يصح نسبة الرفع ، ولو بمعنى الدفع إلى الكل ، ويصح اختصاص رفعها بهذه الأمة دون سائر الأمم ، وإن امتاز بعض التسعة عن بعضها الآخر بثبوت التكليف الواقعي ، وعدمه.

ثم إن ظاهر شيخنا العلامة الأنصاري (قدّس سره) (١) في المقام أن تقدير المؤاخذة يوجب إرادة الفعل من الموصول حتى في ( ما لا يعلمون ). إذ لا مؤاخذة على التكليف ، بل على الفعل أو الترك.

بخلاف تقدير الآثار ؛ فانه لا يأبى عن إرادة التكليف من ( ما لا يعلمون ) حتى مع شمول الآثار للمؤاخذة.

وتوجيهه : أن عنوان المؤاخذة لا تضاف إلى التكليف ، فتقديرها بعنوانها يأبى عن إرادة التكليف من الموصول ، بخلاف عنوان الآثار ، فانها بمعنى مقتضيات الموضوع والحكم ، والمؤاخذة من مقتضيات التكليف ، وان لم تكن على التكليف.

وحينئذ فارادة خصوص المؤاخذة في الجميع مع إرادة التكليف من ( ما لا يعلمون ) معقولة ، لكنه لا بعنوانها ، بل بعنوان مقتضى التكليف ، كما هو واضح.

ثم إن لزوم التقدير ـ إما لخصوص المؤاخذة لتيقنها ، أو لمطلق الآثار لكونه أقرب إلى نفي الحقيقة ، أو الأثر الظاهر في كل مورد بحسبه ، لكونه المتيقن في مقام التخاطب ـ ، إنما يتوجه بناء على عدم توجه الرفع الى نفس

__________________

(١) فرائد الاصول المحشى ٢ / ١٠.

۴۶۴۱