الداعي اقتضاء فلا ينافي الاطلاق لصورة الضرر.

نعم : الانشاء بهذا الداعي دقيق ، لا معنى لجعله مقتضى الجمع والتوفيق عرفا.

ويمكن أن يقال في وجه الجمع بين أدلة الأحكام ودليل نفي الضرر ، مع كون النسبة بينهما بالعموم من وجه : إن إطلاق دليل كل حكم بالاضافة إلى عروض الضرر وعدمه ، وإطلاق دليل نفي الضرر بالاضافة إلى موارده من الوضوء وغيره ، والثاني قابل لأن يكون مقيدا للأول دون العكس ، لأن غير مورد الضرر هو المتيقن من دليل كل حكم ، فيمكن أن يكون له إطلاق بالنسبة إلى عروض الضرر ، ويمكن أن لا يكون له إطلاق ، بل كان مقصورا على غير مورد الضرر ، بخلاف دليل نفي الضرر ، فانه متساوي النسبة إلى موارد أدلة الاحكام ، وليس بعضها متيقنا بالاضافة إلى بعضها الآخر.

فدليل نفي الضرر يصلح لأن يكون مقيدا لإطلاق كل واحد من أدلة الاحكام بقصره على غير مورد الضرر ، ولا يصلح دليل كل حكم لأن يكون مقيدا له بقصره على غير مورد ذلك الحكم ، لأنه تخصيص بلا مخصص ، وتقييده بالجميع إلغاء له بالكلية.

وبالجملة : فدليل نفي الضرر صالح للتصرف به في أدلة الأحكام ، ولا تصلح هي للتصرف بها فيه ، فتدبر جيدا.

ويمكن أن يقال : أيضا في وجه التقديم : أن الحكم إذا لم يكن له مقتضي الثبوت حتى في مورد الضرر ، فهو منفي بعدم المقتضي ، فلا معنى لنفيه امتنانا ، وإنما المناسب للنفي امتنانا ما إذا كان له مقتضي الثبوت ومقتضي النفي ، فيترجح مقتضي النفي في نظر المنان على عباده ، كما أنه لو لم يكن للحكم مقتضي الاثبات من إطلاق أو عموم كان الحكم منفيا فعلا بعدم قيام الحجة عليه ، من دون حاجة إلى نفيه تشريعا امتنانا ، فيعلم من قيام المولى مقام المنة على

۴۶۴۱