ومن الواضح : أن الايجاب إيجاد تسبيبي من المولى لفعل عبده ، فكما أن وجود المقدمة وإرادتها مقدم على وجود ذيها وإرادته ، فكذا إيجادها التسبيبي بايجابها متقدم على ايجاده التسبيبي بايجابه ؛ إذ ليس الايجاب إلا جعل الداعي المحقق لارادة المكلف عند انقياده لمولاه ، فلا بد أن يكون محقق إرادة المقدمة متقدما على محقق إرادة ذيها ، فارادة المقدمة تشريعا أيضا متقدمة على إرادة ذيها تشريعا.

نعم : حيث إن الغاية المتأصلة في ذي المقدمة ، فهي بمحصلاتها ، ومنها إيجادها التسبيبي ، بمنزلة العلة الغائية لارادة المقدمة وايجادها التسبيبي.

فكما أن المكلف يوجد المقدمة مباشرة ليتمكن من ايجاد ذيها مباشرة.

كذلك المولى يوجدها تسبيبا ، ليتمكن من ايجاد ذيها تسبيبا.

وأما حديث انبعاث الارادة والوجوب ـ في المقدمة عن إرادة ذيها وايجابها ـ سواء كان بنحو انبعاث المقتضى عن مقتضيه ، أو المشروط عن شرطه ، أو المعدّ له عن معدّه.

فغير معقول إذ لا يتأخر المقتضي ولا الشّرط ولا المعدّ عن مقتضاه ومشروطه والمعدّ له.

مضافا إلى أن ترشح ذات الإرادة عن مقام ذات إرادة أخرى ـ فضلا عن انبعاث الوجوب الاعتباري عن مقام ذات وجوب اعتباري آخر بنفسه ـ غير معقول.

وأما الكلام في مبادي الارادة ، فمختصره أن انبعاث الحب التبعي ، عن الحب الذاتي أو الميل التبعي عن الميل الذاتي ، بنحو انبعاث المقتضى عن المقتضي قد عرفت أخيرا أنه غير معقول.

إذ لا يتصور اشتمال ذات صفة الحب المتعلق بشىء على ما وراء ذاتها وذاتياتها ، كي يترشح من مقام ذاتها صفة مثلها إلى مقدماته.

۴۶۴۱