واما لدوران الأمر بين التخيير والتعيين ، وهو مورد الاشتغال.
فهي مدفوعة : بأن الانقياد للأمر المحتمل ـ كالانقياد للأمر المعلوم ـ حسن بذاته بحكم العقل ؛ إذ لا نعني بذلك إلا ما ينطبق عليه عنوان ممدوح عليه عند العقلاء.
وعدم التمكن إما دخيل في تحقق أصل الانقياد المحكوم بالحسن ذاتا ، وإما دخيل في حسنه الفعلي ، فهو على الأول مقوم الحسن الذاتي ، وعلى الثاني مقوم الحسن الفعلي.
ولا ريب أن عدم التمكن من الامتثال ليس دخيلا في تحقق الانقياد ، فلا يكون مقوما لحسنه الذاتي.
كما لا ريب في أن ما كان حسنا بذاته ـ أي لو خلي ونفسه ـ يصدر في الخارج حسنا بالفعل ، إلا إذا انطبق عليه عنوان قبيح ، كالصدق المعنون بعنوان المهلك للمؤمن.
ومن الواضح : أن التمكن من الامتثال ، لا هو عنوان قبيح ولا موجب لعنوان قبيح ، حتى يمنع من صيرورة الحسن الذاتي فعليا.
وبعد كون الانقياد المنطبق على الاتيان بداعي الأمر المحتمل حسنا ذاتا وفعلا نقول : إن العبادة وغيرها تمتازان بمساوقة الغرض اللازم لوقوع الشيء حسنا مضافا إلى المولى ، وبعدم كونه مساوقا له ، فلا مجال للشك في حصول الغرض ، ولا في حصول القرب ، ولا في حصول الفعل معنونا بعنوان يؤثر فيهما ، فضلا عن الحكم جزما بعدم الحسن ، أو بعدم التعبدية (١) ، أو بعدم حصول الغرض ، فتدبر جيدا.
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصحيح : بعدم التّعبد به.