ومنه تبين أن مثل إيصال عدم التكليف بقوله ( رفع ) الذي مفاده أنه لا يجب ولا يحرم جعلا وانشاء رافع لموضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فان موضوعه عدم وصول التكليف.
وكما أنه مع وصوله لا موضوع للقاعدة ، كذلك مع وصول عدمه ، فان عدم الوصول حينئذ بنحو السالبة بانتفاء الموضوع.
ونكتة إيصال العدم ـ مع كفاية عدم الوصول في رفع الفعلية ، وأثرها (١) ـ التنبيه على عدم وجوب الاحتياط ، بحيث يكون دليلا على عدمه بعدم موضوعه ، لا مجرد كشف عدم الفعلية عن عدم وجوب الاحتياط.
ومن جميع ما ذكرنا تبين أن حديث الرفع إذا كان متكفلا لأمر مجعول تشريعي ، فهو عدم التكليف ، بحيث يكون العدم فعليا جعليا ، لا عدم فعلية التكليف الواقعي ، فان مثله غير مجعول ، وان عدم فعلية التكليف مستند إلى عدم وجوب الاحتياط ، فيكشف عنه كشف المعلول عن العلة ، بخلاف فعلية عدم التكليف ، فانه يستند إليه عدم وجوب الاحتياط ، فيكشف عنه كشف العلة عن المعلول ، فتدبره ، فانه حقيق به.
ثم إن مفاد حديث الرفع ـ سواء كان رفع فعلية التكليف بدوا ، أو جعل عدم التكليف فعلا ـ فهو بحسب لسانه رفع ، وفي اللبّ دفع ، فانه بحسب لسانه حيث إنه رفع الإلزام المجهول المفروض ثبوته ، فهو رافع له ، وقاطع لاستمراره ، وبحسب اللبّ حيث إن إعدام الحكم الواقعي المجهول غير معقول ، فهو دافع لفعليته مع وجود المقتضي لجعله فعليا بايصاله بجعل الاحتياط.
ولا يخفى عليك أن مانعية شيء عن تأثير شيء ، وإن لم تكن متقومة بسبق وجود أثر ذلك الشيء ، ولا بعدمه.
__________________
(١) والصحيح وأثره فان مرجع الضمير إيصال العدم.