الانشاء الواقعي من حد القوة إلى حد الفعلية عند مصادفة الخبر للواقع.
وكذا الأمر فيما نحن فيه ، فانه كما سيأتي منه (قدس سره) يكون إيجاب الاحتياط بداعي تنجيز الواقع ، فانه إيصال للواقع المحتمل بأثره ، فيرجع الى جعل احتماله منجزا له على تقدير ثبوته ، فيصير فعليا منجزا على تقدير المصادفة ، كما في الامارة المعتبرة بهذا الوجه.
وقد عرفت أن عدم فعلية الواقع بعدم ايصاله بجميع أنحائه ، وعدم الفعلية بعدم جعل الحكم المماثل ، أو بعدم جعل الخبر ، أو الاحتمال منجزا ليس مجعولا حتى يكون معنى رفع الفعلية رفعها بعدم جعل الاحتياط.
بل العدم المجعول المعدود من الأحكام المجعولة ما كان كالوجود مجعولا ، فعدم الوجوب بعدم المقتضي ليس مجعولا شرعيا ، بل قوله : لا يجب إنشاء جعل للعدم تسبيبا.
فاذا كان قوله عليه السلام رفع على حد قوله عليه السلام ( كل شيء لك حلال ) جعلا لعدم التكليف كالجعل للاباحة. فلا محالة يكون إيصالا لعدم التكليف في موارد الجهل بعبارة جامعة لها ، فيكون مفاده فعلية عدم التكليف ظاهرا ، لا عدم فعلية التكليف ، لما عرفت أن عدم فعلية التكليف بعدم الوصول عقلي لا جعلي.
نعم لازم إيصال عدم التكليف فعلا عدم فعلية التكليف ، لاستحالة ثبوت المتنافين من حيث الفعلية.
وحينئذ ففائدة إيصال عدم التكليف وجعل عدمه فعليا بايصاله دلالته على عدم وجوب الاحتياط ، المبلغ للحكم الواقعي إلى مرتبة الفعلية والتنجز.
بل حيث إن لسانه عدم التكليف ، فهو وارد على دليل الاحتياط ، فانه في مورد ثبوت الواقع احتمالا ، وهذا ناف لموضوعه ، لأنّ لسانه فعلية العدم ، لا مجرد عدم فعلية التكليف.