ويستحيل أن يكون الانشاء بداع في صراط الفعلية بداع آخر ، وقياسه معه.
فلا محالة ليس الانشاء الواقعي المترقب منه فعلية البعث والزجر ، إلا الانشاء بداعي جعل الداعي فعلا أو تركا.
وقد مرّ ـ منّا (١) مرارا ـ أن فعلية كل داع متقومة بالوصول ، فالانشاء بداع الارشاد قبل وصوله لا يكون إرشادا فعلا إلى ما هو خير العبد ورشده ، والانشاء بداع البعث والتحريك قبل وصوله ليس قابلا فعلا للتحريك. وانقداح الداعي على أي تقدير في نفس المكلف.
وعليه ، فعدم فعليّته البعثيّة بعدم الوصول عقلي لا جعلي.
كما أن ما هو أمره بيد المولى ـ وهو تمام ما هو الفعلي من قبله ـ هو نفس الانشاء بداع البعث ، وبوصوله يكون مصداقا للبعث الحقيقي ، فكأن ما هو بعث بالقوة يخرج من حد القوة إلى الفعل.
وليكن المراد من الفعلي من وجه نفس ما هو فعلي من قبل المولى.
والفعلي بقول مطلق ما هو بحيث يكون مصداقا للبعث فعلا.
ثم إن الوصول التعبدي :
تارة : بجعل الحكم المماثل على طبقه بعنوان تصديق العادل بلسان أنه الواقع ، فثبوت الحكم المماثل ثبوت الواقع تنزيلا ، ووصوله وصول الواقع عرضا ، وتنجزه تنجز الواقع اعتبارا ، وإلاّ فالواقع على ما هو عليه لم يخرج من حد إلى حد حقيقة.
وأخرى : بايصال الواقع بأثره ، بجعل الخبر مثلا منجزا له ، إذ ليس أثر الواقع الواصل إلا فعليته المساوقة لتنجزه ، فجعل الخبر منجزا له شرعا يخرج
__________________
(١) منها في التعليقة ٦٦ من مبحث حجية الظن ، ومنها في مبحث حجية القطع التعليقة ٤١ نهاية الدراية ٣.