فهذا البعث المختص بعنوان الناسي محال على أيّ حال ، إذ بوجوده الواقعي المنوط بالنسيان واقعا لا باعثية له ، وليس الغرض من التكليف إلا بعث المكلف وحمله على الفعل ، وبوجوده الواصل بوصول موضوعه ، يلزم من فرض وجوده عدمه ، لما عرفت.

وأما لزوم التنويع المتفرع عليه هذا المحال ، فلأنه لو اختص الناسي بحكم ، مع عموم عنوان التكليف بالتمام ، يلزم منه توجه بعثين نحو الناسي : أحدهما بعنوان خاص ، وهو عنوان الناسي ، والآخر بعنوان عام ، وهو عنوان المكلف ، بخلاف ما إذا اختص التكليف بالتام بعنوان الملتفت.

ومنه تعرف أنه لو لم يؤخذ عنوان الناسي في التكليف بما عدا المنسي ، بل أخذ عنوان المكلف يلزم توجه بعثين أيضا إلى الناسي ، لأنه كالملتفت في توجه التكليف بالتام إليه ، لعدم خصوصية في عنوانه ، توجب ١ عدم توجهه إليه.

وحيث إن النسيان علّة لتوجه تكليف آخر بما عدا المنسي ، فلا محالة يكون مكلفا بذاته بتكليف آخر.

نعم الملتفت لعدم العلة الموجبة لتوجه تكليف آخر إليه ، ليس له إلا التكليف بالتمام.

وعليه فنقول : إن الناسي إما لا تكليف له أصلا ، أو له التكليف بما عدا المنسي ، أو له التكليف بالتمام ، والأول خلاف الاجماع والضرورة ؛ اذ محل الكلام هو التكليف بالمنسي واقعا ، لا التكليف مطلقا ، ولو بما عداه ، والثاني يلزم منه المحال ، بالتقريب المتقدم ، والثالث ـ هو المطلوب.

غاية الأمر أنه في حال الغفلة والنسيان لا يؤاخذ بترك التام ، إلا أنه بعد الالتفات يجب عليه إتيان ما هو مكلف به واقعا.

۴۶۴۱