وعليه ، فكما لا يكون وضع الجزئية إلا بوضع الأمر بالمركب كذلك لا رفع لها إلا بعين رفعه ، والمفروض عدم إمكان رفعه بحديث الرفع.
ومنه يتضح أن مجرد اختلاف الرتبة بين الأمر النفسي وجزئية الزائد من حيث اللزوم الموجب لتأخر رتبة اللازم عن ملزومه ولو كان لازم الماهية لا يجدي في رفع الجزئية بملاحظة تساقط القاعدة في المرتبة المتقدمة ، وذلك لأنه إنما يجدي مع تعدد الوجود كالوجوب الغيري التابع للوجوب النفسي ، لا مع وحدة الوجود.
هذا كله مضافا إلى أن الكلية والجزئية متضايفان متكافئان ، فالجزئية وان لم تكن معارضة لجزئية سائر الأجزاء ، لكنها معارضة بكلية الأقل بتبع كلية الأكثر.
فكما أن كلية الأكثر في نفسها مشكوكة ، لكنها معلومة بالاجمال ، كذلك جزئية الزائد مشكوكة في نفسها ومعلومة بالاجمال بتبع معلومية كلية الأكثر بالاجمال ، والمفروض عدم شمول الحديث للمعلوم بالاجمال.
والجزئية والكلية لازمان للوجوب النفسي في عرض واحد ، لوحدة المنشأ ، والمصحح للانتزاع ، وليست الجزئية مسببة عن كلية الأكثر ، ليتوهم تساقط القاعدة في طرف كلية الأكثر وكلية الأقل ، فيبقى القاعدة في نفي جزئية الزائد بلا معارض.
والمفروض أيضا أن المجعول بالتبع قابل للوضع والرفع ، والكلية كالجزئية في المجعولية بالتبع. وسيجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ بعض الكلام فيه.
هذا مضافا الى ما سيأتي (١) إن شاء الله تعالى في مبحث الأحكام الوضعية أن الجزئية ليست من الأحكام المجعولة ولو تبعا ، بل هي من اللوازم التكوينية
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ : التعليقة ٤٤.