وعلى هذا ، فان لم نقل بانحلال العلم الاجمالي بالأمر ، فالعلم حجة على الأمر المردد ، والأمر المردد حجة على الغرض المردد فيجب تحصيله.
وأما إذا قلنا بالانحلال ، فلا حجة على الأمر المردد ، بل على الأمر بذات الأقل فقط.
فالغرض الواقعي إن كان مما يفي به الأقل فقد تمت عليه الحجة.
وإن كان مما لا يفي به إلا الأكثر فلا حجة عليه ، فلا يجب تحصيله.
فهذا البرهان يتوقف على تمامية البرهان الأول على استحالة الانحلال ، وإلا فلا (١) ، مع أن المفروض أنه برهان آخر ، ولو لم يتم الأول.
وأما على الوجه الثاني : فبأن الغرض القائم بشيء يستحيل أن ينبعث عنه الشوق إلا إلى ذلك الشيء دون غيره ، سواء كان مباينا أو أعم أو اخص.
والشوق إلى فعل يستحيل أن يحرك العضلات إلا إلى المشتاق إليه في الارادة التكوينية ، ويستحيل أن ينبعث منه بعث إلا إلى المشتاق إليه في الارادة التشريعية.
وحيث إن الأمر الواقعي لم يكن فعليا إلا بالنسبة إلى ذات الأقل ، فيكشف بمقتضى العلية والمعلولية عن فعلية الغرض بمقدار فعلية الأمر.
ولو كان الغرض الواقعي قائما بالأكثر وكان فعليا للزم على المولى جعل الاحتياط بجعل احتمال الأكثر منجزا ، وإلا لكان ناقضا لغرضه.
ولا ينافي ذلك وحدة الغرض وبساطته ؛ لما فهمنا من الشرع أنه يمكن أن يكون ذا مراتب ، بحيث يصير فعليا بمرتبة دون مرتبة أخرى ، كما فيما إذا
__________________
(١) لا يخفى ما في العبارة من الخلل لأن قوله وإلا فلا إنما يذكر بعد القضية الشرطية فيقال إذا صح المطلب الفلاني صح هذا أيضا وإلا فلا فكان عليه قده أن يقول فان تمّ الاول تمّ هذا أيضا وإلا فلا.