وأخرى : يجب عقلا مقدمة لإسقاط الأمر المنبعث عنه ، حيث لا يسقط المعلول إلا بسقوط علته.

وثالثة : يجب شرعا لبّا ، نظرا إلى أن ما يجب لفائدة ففي الحقيقة تلك الفائدة هي المطلوبة أولا وبالأصالة ، ومحصلها مطلوب ثانيا وبالتبع.

ولا يخفى عليك : أن لزوم تحصيل الغرض لنفسه : تارة : يراد به الغرض بما هو غرض أي المصلحة الباعثة الداعية ، فسبيله سبيل موافقة الأمر بما هو أمر المولى ؛ أو (١) تحصيل مراد المولى بما هو مراده ، فكذا تحصيل غرضه بما هو غرض له داع إلى إرادته وبعثه.

وأخرى : تحصيل ذات الغرض أعني نفس المصلحة اللّزومية بذاتها.

ولذا لا ريب في أنه إذا علم بأن ولد المولى غريق ولم يلتفت إليه المولى حتى يدعوه إلى إرادة انقاذه والبعث نحوه يجب عليه عقلا انقاذه ، لكونه ذا مصلحة لزومية ، بحيث لو التفت إليها المولى لانقدح في نفسه الداعي إلى البعث إليه.

والجواب عنه : أما على الوجه الأول بقسميه ، فبأن تحصيل الغرض إنما يجب إذا انكشف بحجة شرعية أو عقلية ، لا الغرض الواقعي الذي لا حجة عليه عقلا ولا شرعا ، فانه كالامر الواقعي والارادة الواقعية التي لا حجة عليهما ، فانه ليس من زي الرقية وعدم الخروج عن رسم العبودية تحصيل أغراض مولاه الواقعية التي لا حجة عليها.

وأيضا الأمر بشيء يصلح للكشف عن سنخ غرض يفي به المأمور به ، ولا يصلح للكشف عن سنخ غرض لا يفي به ، إذ المفروض العلم بالغرض من طريق العلم بمعلوله ، والعلة والمعلول متوافقان سعة وضيقا.

__________________

(١) في الأصل أو تحصيل لكن الصحيح إذ تحصيل.

۴۶۴۱