ومنها : ما عن بعض السادة الأعلام (قدس سره) وهذه عبارته : احتمال ترتب العقاب على ترك الأقل ، مع عدم ما يوجب الأمن منه ، كاف في إلزام العقل بوجوب الاتيان به.
مع أنه على تقدير وجوب الأكثر يكون ترك الأقل تجرّيا ومستلزما للعقاب إن قلنا فيه بالعقاب.
وفيه : أن مجرد احتمال وجوب الأقل لنفسه لا يلازم احتمال العقاب حتى يجب دفعه عقلا.
وليس منشأ حكم العقل بمراعاة هذا الاحتمال إلا اقترانه باحتمال وجوب الأكثر لنفسه ، فيعلم بترتب العقاب على الواجب النفسي المعلوم في البين.
وإلا فمع عدم مراعاة احتمال وجوب الأكثر لنفسه ، وتمحض الاحتمال في وجوب الأقل لنفسه فعلا ، كان حاله حال سائر الواجبات النفسية المحتملة ، من دون مزيّة لهذا الواجب ، حتى يكون احتماله ملازما لاحتمال العقاب.
ومنه علم حال التجري ، فانه إنما يصح إذا كان على فرض مصادفته للواقع منجزا له ، حتى يكون تركه على فرض مخالفته للواقع تجريا.
ومنها : ما عن بعض أجلة العصر (١) ، وهو قياس العلم بوجوب الأقل لنفسه أو لغيره ، بقيام الحجة الشرعية على الطريقية المحضة وتنجيز الواقع على تقدير المصادفة قائلا : بأن العلم بالتكليف المتعلق بالأقل لما لم يعلم كونه مقدميا أو نفسيا يجب عند العقل موافقته ؛ لأنه لو كان نفسيا لم يكن له عذر في تركه ، كما في التكاليف الطريقية ، حيث إن وجوب امتثالها عند العقل من جهة احتمال مصادفتها للواقع ، وان المكلف على هذا التقدير لم يكن معذورا.
__________________
(١) هو المحقق الحائري قده. درر الفوائد / ٤٧٤.