وربما يوجه محذور الانحلال بوجه آخر ، وهو : أن فرض عدم تنجز الأمر بالأكثر باجراء البراءة فيه فرض عدم تنجز الأمر بالأقل من حيث وجوبه الغيري.

فلم يبق إلا احتمال وجوبه النفسي ، وهو غير منجز ، فيجوز ترك الأقل أيضا.

فالانحلال يستلزم تجويز المخالفة القطعية وترك الصلاة مثلا رأسا ، وهو باطل جزما. وقد ذكر في التفصي عن هذه العويصة وجوه :

منها : ما عن بعض (١) الأعلام ، وملخصه : أن المراد بعدم تنجز الأكثر هي المعذورية من قبل ترك إذا استند إلى ترك خصوص الجزء المشكوك ، فانه الذي يكون به الأكثر مقابلا للأقل ، لا إذا استند تركه إلى ترك سائر الاجزاء بالاستقلال أو بالانضمام إلى الجزء المشكوك.

ولا منافاة بين المعذورية وعدم العقاب على ترك الأكثر بناء على الأول ، وعدم المعذورية وثبوت العقاب على تركه بناء على الثاني.

وفيه : أنه بعد نفي العقاب على ترك الأكثر بترك الجزء المشكوك المقوم للأكثر الموجب لمقابلته مع الأقل بحده ، لا واجب نفسي يترتب العقاب على تركه إلا الأقل بحده ، وهو محتمل لا مقطوع به ، وليس هناك واجب نفسي آخر يكون الأقل مقدمة له ، حتى يكون تركه سببا لترك ذاك الواجب النفسي المعاقب على مخالفته ، فلا معنى للمعذورية من قبل ترك الأكثر من وجه وعدم المعذورية من قبل تركه من وجه آخر الا على الوجه الذي سنحققه ، ولا يبعد رجوع هذا الوجه إليه فانتظر.

__________________

(١) هو المحقق الكبير الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس الله نفسه الزكيّة. رسالة أحكام الخلل المنضمة الى تعليقته على المكاسب / ١٧٤.

۴۶۴۱