البينة ملاق لما تنجز حكمه بالمنجز الشرعي قطعا.
بخلاف ما نحن فيه ، فان المنجز هو العلم والمعلوم هو المنجز ، ولا ملاقي للمعلوم لا إجمالا ولا تفصيلا بل احتمالا فقط.
ومن جميع ما ذكرنا تبين عدم صلاحية العلم الاجمالي ـ في هذه الصورة ـ لوجوب الاجتناب عقلا عن الملاقي.
ومع عدم المقتضي عقلا لوجوب الاجتناب لا وجه للاستناد إلى المانع ، كما هو ظاهر الشيخ الأعظم (قدس سره) في رسالة البراءة (١) وفي كتاب الطهارة (٢) ، حيث استند في عدم وجوب الاجتناب عقلا عن الملاقي إلى سلامة أصالة الطهارة فيه عن المعارض.
فان انحلال العلم بجريان الأصل الغير المعارض ، إنما يحتاج إليه إذا كان مع عدم الانحلال مقتضيا لوجوب الاجتناب.
وليس باب العلم الاجمالي باب ترتيب آثار الطاهر والنجس ـ بما هما طاهر ونجس ـ ليتوهم الحاجة فيه إلى إجراء الأصل ، بل بابه باب تأثير العلم في وجوب الاجتناب عقلا ، وعدمه. فافهم جيدا.
٨٥ ـ قوله ( قده ) : وأخرى يجب الاجتناب عما لاقاه دونه (٣) ... الخ.
ذكر (قدس سره) في هذه الصورة الثانية مثالين لوجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ دون الملاقى ـ بالفتح ـ بعكس الصورة المتقدمة.
أحدهما : ما إذا علم إجمالا بنجاسة هذا الإناء أو الإناء الآخر ، ثم علم بملاقاة ذلك الاناء الآخر لاناء ثالث من قبل ، مع علمه إجمالا بنجاسة ذلك
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى ٢ / ٨٦.
(٢) كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري قده / ٤٢.
(٣) كفاية الأصول / ٣٦٣.