البراءة ، لا على مجرد التبعية في مقام الاثبات أو الثبوت ، فضلا عن السراية الحقيقية التي يكذبها الحس والعيان غالبا.

ولا يخفى عليك أن هذا المعنى لا يستدعي التمحّض في الوساطة في العروض ، حتى يقال : بأنه لا شبهة في وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس المعلوم ، ولو مع فقد عين النجس ، فانه له ـ بما هو نجس بالتبع ـ حكم ، وله ـ بما هو من شئون عين النجس أيضا ـ حكم.

كما إذا فرض أن ولد العالم عالم أيضا ، فانه من حيث إنه عالم يجب إكرامه ، ومن حيث إنه ولد العالم فاكرامه إكرام أبيه العالم.

وتظهر الثمرة في صورة الشك فانه مع الشك فى علمه يجري البراءة عن وجوب إكرامه ، لكنه مع الشك في أن من مع العالم هل هو ابنه أم لا فانه ينبغي الاحتياط حيث لا يقطع بتحقق إكرام العالم إلا باكرامه ، فكذلك فيما نحن فيه.

نعم : التحقيق عدم ثبوت الوساطة في العروض ، لا لما ذكر من وجوب الاجتناب عن الملاقي مع عدم وجوب الاجتناب عن ملاقاه ، لعدم المنافاة كما مر من امكان اجتماع الحيثيتين في الملاقي.

بل لانه اذا اجتنب عن النجس ولم يجتنب عن ملاقيه فقد اجتنب حقيقة عن فرد من نجس ولم يجتنب عن فرد آخر منه ، لا انه لم يجتنب اصلا كما لا يخفى.

٨٤ ـ قوله ( قده ) : وأنه تارة يجب الاجتناب عن الملاقى دون ملاقيه (١) ... الخ.

حاصل الوجه في عدم وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه بالنجس عقلا عدم العلم بفرد آخر من النجس غير ما علم به أولا بين الإناءين ، وحيث لا علم فلا يجب الاحتياط.

__________________

(١) كفاية الأصول / ٣٦٢.

۴۶۴۱